للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقد فضولياً، مثل قوله تعالى: {وأحلَّ الله ُ البَيْعَ} [البقرة:٢٧٥/ ٢] وقوله سبحانه: {يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا لا تَأْكُلوا أمْوالكُمْ بَينَكُمْ بِالباطِلِ، إلا أنْ تكونَ تِجارَة عَن تَراضٍ مَنكُم} [النساء:٢٩/ ٤] وقوله: {فَإذا قُضيت الصلاة فانتَشِروا في الأرْضِ وابْتَغوا منْ فَضْلِ الله} [الجمعة:١٠/ ٦٢].

والفضولي كامل الأهلية، فإعمال عقده أولى من إهماله، وربما كان في العقد مصلحة للمالك، وليس فيه أي ضرر بأحد؛ لأن المالك له ألا يجيز العقد، إن لم يجد فيه فائدته. وقد ثبت أن الرسول صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري وغيره: أعطى عروة البارقي ديناراً ليشتري له به شاة فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فقال: «بارك الله لك في صفقة يمينك». وروى الترمذي وأبو داود عن حكيم بن حزام: أن النبي صلّى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاة يضحيها، فاشترى شاتين بالدينار، وباع إحداهما بدينار جاء به هو الشاة للرسول صلّى الله عليه وسلم، فأثنى عليه، ودعا له بالبركة قائلاً: «بارك الله لك في صفقتك» (١) فالنبي عليه السلام لم يأمر في الحالتين في الشاة الثانية لا بالشراء ولا بالبيع.

وقال الحنابلة (٢): لا يصح تصرف فضولي مطلقاً أي ببيع أو شراء أو غيرهما، ولو أجيز تصرفه بعد وقوعه إلا إن اشترى الفضولي في ذمته، ونوى الشراء لشخص لم يسمه، فيصح، أو اشترى بنقد حاضر ونوى لشخص لم يسمه، فيصح، ثم إن أجاز الشراء من اشتري له، ملكه من حين الشراء، وإن لم يجزه وقع الشراء للمشتري ولزمه حكمه. وقال ابن رجب: تصرف الفضولي جائز موقوف على الإجازة إذا دعت الحاجة إلى التصرف في مال الغير أو حقه، وتعذر استئذانه إما للجهل بعينه أو لغيبته ومشقة انتظاره.


(١) انظر سبل السلام: ٣١/ ٣.
(٢) كشاف القناع: ١١/ ٢ ومابعدها، القواعد لابن رجب: ص ٤١٧، غاية المنتهى: ٨/ ٢، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: ١٨/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>