للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضابط الذي يميز الفاسد عن الباطل إذا كان الفساد يرجع للمبيع فالبيع باطل، كما إذا باع خمراً أو خنزيراً أو ميتة أو دماً أو صيد الحرم أو الإحرام، فلا يفيد الملك أصلاً وإن قبض؛ لأن الخلل واقع على المبيع ذاته، وهو أن الخمر والخنزير لا يثبت الملك فيهما للمسلم بالبيع، والبيع لا ينعقد بلا مبيع، والميتة والدم ليسا بمال متقوم، وقد أبطل الشارع تملك صيد الحرم والإحرام.

وإن كان الفساد يرجع للثمن: فإن كان الثمن مالاً في الجملة أي في بعض الأديان أو مرغوباً عند بعض الناس، كالخمر والخنزير وصيد الحرم والإحرام فإن البيع يكون فاسداً أي أنه ينعقد بقيمة المبيع، ويفيد الملك في المبيع بالقبض؛ لأن ذكر الثمن المرغوب دليل على أن غرضهما البيع فينعقد بيعاً بقيمة المبيع (١).

وأما إن كان الثمن ميتة أو دماً، فاختلف الحنفية: فقال عامتهم: يبطل، وقال بعضهم: يفسد، والصحيح أنه يبطل؛ لأن المسمى ثمناً ليس بمال أصلاً (٢).

وبعد هذا التمهيد:

أذكر أمثلة من أنواع البيع الباطل ولو في رأي بعض الفقهاء، ثم أردفها بأمثلة أخرى من أنواع البيع الفاسد، ثم أعقبها بتفصيل حكم البيع الفاسد وما يترتب عليه.


(١) الفرق بين الثمن والقيمة: أن الثمن ما تراضى عليه المتعاقدان، سواء زاد على القيمة أو نقص عنها. والقيمة: ما قوم به الشيء بمنزلة المعيار من غير زيادة ولا نقص (انظر رد المحتار: ٤ ص ٥٣).
(٢) المبسوط: ١٣ ص ٢٢ ومابعدها، فتح القدير والعناية: ٥ ص ١٨٦، ٢٢٧، البدائع: ٥ ص ٢٩٩، ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>