للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الحنفية فصلوا فيما يباح به القتال فقالوا: يجوز للمضطر أن يقاتل بالسلاح مالك الماء في الحوض أو البئر أو النهر الذي في ملكه لأنه قصد إتلافه بمنع حقه وهو الشفة، والماء في البئر مباح غير مملوك. أما إن كان الماء محرزاً في الأواني، فيقاتل المضطر بغير السلاح، ويضمن له ما أخذ كما في حال أخذ الطعام عند المخمصة، لأن حل الأخذ للاضطرار لا ينافي الضمان. هذا إذا كان الماء فاضلاً عن حاجة مالكه بأن كان يكفي لدفع الرمق لكل منهما، وإلا وجب تركه لمالكه (١).

أما بيع الماء فللعلماء فيه رأيان مشهوران: رأي الجمهور، ورأي الظاهرية.

أولاً ـ قال جمهور العلماء (٢): يجوز بيع غير المباح للناس جميعاً كماء البئر والعين والمحرز في الأواني ونحوها، ولصاحبه أن ينتفع به لنفسه، ويمنع غيره من الانتفاع. فله أن يمنع صاحب الحق في الشفة من الدخول في ملكه إذا كان يجد ماء بقربه، فإن لم يجد، يقال لصاحب البئر ونحوه: إما أن تخرج الماء إليه، أو تتركه ليأخذ الماء.

واستدلوا على الجواز بدليلين:

١ - ثبت في الحديث الصحيح أن عثمان بن عفان رضي الله عنه اشترى بئر رُومة من اليهودي في المدينة، وسبّلها أو حبسها على المسلمين، وذلك بعد أن سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: «من يشتري بئر رومة، فيوسع بها على المسلمين وله الجنة» وكان اليهودي يبيع ماءها للناس. فهذا الحديث كما يدل على جواز بيع البئر


(١) رد المحتار والدر المختار: ٥ ص ٣١٣، تكملة فتح القدير: ٨ ص ١٤٥.
(٢) البدائع: ٥ ص ١٤٦، رد المحتار: ٥ص٣١١ - ٣١٢، ٤ص٦، القوانين الفقهية: ص٣٣٩، المهذب، المكان السابق، المجموع: ٩ص٢٧٨، المغني: ٤ص٧٩، غاية المنتهى: ٢ص٩، ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>