للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعية وداود الظاهري: هذا العقد صحيح مع الكراهة لتوافر ركنه وهو الإيجاب والقبول الصحيحان، ولا عبرة في إبطال العقد بالنية التي لا نعرفها لعدم وجود ما يدل عليها (١)، أي أن القصد الآثم مرجعه إلى الله، والحكم على ظاهر العقد شيء آخر، لذا فإنه يحمل العقد على عدم التهمة.

وقال المالكية والحنابلة: إن هذا العقد يقع باطلاً (٢) سداً للذرائع كما سأبين، ولما روي من قصة زيد بن أرقم مع السيدة عائشة رضي الله عنها: وهي أن العالية بنت أيفع قالت: دخلت وأنا وأم ولد زيد بن أرقم وامرأته على عائشة رضي الله عنها، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: «إني بعت غلاماً من زيد بن أرقم بثمان مئة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته منه بست مئة درهم (أي حالّة) فقالت عائشة: بئسما شريت وبئسما اشتريت، أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن لم يتب» (٣) وقال صلّى الله عليه وسلم: «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب


(١) الميزان: ٧٠/ ٢، إرشاد الفحول للشوكاني: ص ٢١٧، القوانين الفقهية: ص ٢٧١.
(٢) بداية المجتهد: ١٤٠/ ٢ وما بعدها، حاشية الدسوقي: ٩١/ ٣، الحطاب: ٤٠٤/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٢٥٨، ٢٧١ وما بعدها، الشرح الصغير: ١٣٠/ ٣. المغني: ١٧٥/ ٤ ومابعدها، نيل الأوطار: ٢٠٦/ ٥، الموافقات للشاطبي: ٣٦١/ ٢، الفروق للقرافي: ٢٦٦/ ٣ وما بعدها، أصول الفقه لنا: ٨٩٥/ ٢ ومابعدها. هذا وقد أبطل الحنابلة العقد الأول حيث كان وسيلة للثاني. وقالوا: إن تغيرت صفة الشيء المشترى بما ينقصها أو يزيدها، واشتراها من غير مشتريها أو بمثل الثمن أو بنقد آخر، صح البيع، وكذا لو اشتراها أبوه أوابنه أو غلامه ونحوها ما لم يكن حيلة، فلا يصح (غاية المنتهى: ٢٠/ ٢).
(٣) هذا الحديث رواه الدارقطني عن يونس بن إسحاق عن أمه العالية عن أم مُحبة عن عائشة. روي عن الشافعي أنه لا يصح، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، قال في التنقيح: إسناده جيد، وإن كان الشافعي لا يثبت مثله عن عائشة، وكذلك الدارقطني قال في العالية: هي مجهولة لا يحتج بها (انظر جامع الأصول: ٤٧٨/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>