للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأوا أن معنى النهي هو بيعه بشرط التبقية إلى الإزهاء، فأجازوا بيعها قبل الإزهاء بشرط القطع.

واستدلوا على عدم جواز بيع الزرع الأخضر في الأرض إلا بشرط القطع في الحال بحديث ابن عمر وهو: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو (١)، وعن بيع السنبل حتى يبيض، ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري» (٢) قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً يعدل عن القول به.

وأما إذا كان البيع قبل بدو الصلاح مطلقاً دون اشتراط تبقية ولا قطع، فالبيع باطل، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أطلق النهي عن بيع الثمرة قبل بدو الصلاح (الزهو)، فيدخل فيه محل النزاع. وإطلاق العقد يقتضي التبقية، لأن المطلق ينصرف إلى المتعارف، والمتعارف هو الترك، بدليل سياق الحديث، فيصير العقد المطلق كالذي شرطت فيه التبقية، يتناولهما النهي جميعاً، ويصح التعليل بالعلة التي علل بها النبي صلّى الله عليه وسلم من منع الثمرة وهلاكها. ويدل الحديث أيضاً على أن مابعد الغاية: (حتى يبدو صلاحها) بخلاف ماقبل الغاية، وأن هذا النهي يتناول البيع المطلق عن شرط التبقية (٣).

والخلاصة كما قال صاحب فتح القدير (٤): لا خلاف في عدم جواز بيع الثمار قبل أن تظهر، ولا في عدم جوازه بعد الظهور قبل بدو الصلاح بشرط الترك، ولا في جوازه قبل بدو الصلاح بشرط القطع فيما ينتفع به، ولا في الجواز بعد بدو الصلاح، والخلاف إنما هو في بيعها قبل بدو الصلاح.


(١) زها النخل يزهو: إذا ظهرت ثمرته، وروي «حتى يزهى» يقال: أزهى البسر: إذا احمر أو اصفر.
(٢) أخرجه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه عن ابن عمر (نصب الراية: ٥/ ٤).
(٣) المنتقى على الموطأ: ٢١٨/ ٤، بداية المجتهد: ١٤٨/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٦١، مغني المحتاج: ٨٦/ ٣، ٨٩، المغني: ٨٠/ ٤ ومابعدها، غاية المنتهى: ٦٩/ ٢.
(٤) فتح القدير: ١٠٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>