للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناء على هذا، أجازوا بيع العين الغائبة من غير صفة، ويثبت للمشتري حينئذ خيار الرؤية، أو بصفة مرغوبة، ويثبت له خيار الوصف، كما سبقت الإشارة إليه، فإذا رأى المشتري المبيع، كان له الخيار فإن شاء أنفذ البيع، وإن شاء رده، سواء أكان موافقاً للصفة أم لا، فيثبت الخيار بكل حال.

ولم يجز الحنفية خيار الرؤية للبائع إذا باع ما لم يره كما إذا ورث عيناً من الأعيان في بلد غير الذي هو فيه، فباعها قبل الرؤية، صح البيع، ولاخيار له عندهم. وقد رجع أبو حنيفة عما كان

يقول أولاً بأن له الخيار، كما للمشتري، وكما هو الأمر في خيار الشرط وخيار العيب (١).

والتفرقة بين البائع والمشتري في هذا أمر معقول؛ لأن البائع يعرف ما يبيعه أكثر من المشتري، فلا ضرورة لثبوت الخيار له، وعليه أن يتثبت قبل البيع، حتى لا يقع عليه غبن يطلب من أجله فسخ العقد (٢).

وأجاز المالكية خيار الوصف للمشتري فقط، فقالوا: يجوز بيع الغائب على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه صفته قبل القبض، فإذا جاء على الصفة، صار العقد لازماً (٣).

والحنابلة أجازوا أيضاً كالمالكية خيار الوصف فقط فقالوا: يجوز بيع الغائب إذا وصف للمشتري، فذكر له من صفاته ما يكفي في صحة السلم، لأنه بيع بالصفة، فصح كالسلم. وتحصل بالصفة معرفة المبيع؛ لأن معرفته تحصل


(١) المبسوط: ٦٩/ ١٣ ومابعدها، فتح القدير مع العناية: ١٣٧/ ٥ - ١٤٠، البدائع: ٢٩٢/ ٥، رد المحتار: ٦٨/ ٤.
(٢) الأموال ونظرية العقد للدكتور محمد يوسف موسى: ص ٤٨١.
(٣) بداية المجتهد: ١٥٤/ ٢، حاشية الدسوقي: ٢٥/ ٣ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>