للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصفات الظاهرة التي يختلف بها الثمن ظاهراً، وهذا يكفي كما يكفي في السلم، ولا يعتبر في الرؤية الاطلاع على الصفات الخفية، ومتى وجده المشتري على الصفة المذكورة صار العقد لازماً، ولم يكن له الفسخ.

ولم يجيزوا في أظهر الروايتين بيع الغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته في غير حالة بيع البرنامج المذكورة سابقاً عند المالكية في بيع العين الغائبة من البيوع الفاسدة؛ لأن النبي صلّى الله عليه

وسلم «نهى عن بيع الغرر» (١) ولأنه باع ما لم يره ولم يوصف له، فلم يصح، كبيع النوى في التمر.

وأثبت الحنابلة والظاهرية خيار الرؤية للبائع إذا باع ما لم ير، ووصفه للمشتري.

وأما حديث خيار الرؤية فهو مروي عن عمر بن إبراهيم الكردي، وهو متروك الحديث، ويحتمل أن يراد بالحديث: أنه بالخيار بين العقد عليه وتركه (٢).

وقال الشافعي في المذهب الجديد: لا ينعقد بيع الغائب أصلاً، سواء أكان بالصفة، أم بغير الصفة، لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الغرر» وفي هذا البيع غرر، وبما أنه من أنواع البيوع، فلم يصح مع الجهل بصفة المبيع كالسلم، ثم إنه داخل تحت النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان أي ما ليس بحاضر أو مرئي للمشتري. وأما حديث «من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه» فهو حديث ضعيف كما قال البيهقي، وقال الدارقطني عنه: «إنه باطل».

وبناء على الأظهر من اشتراط رؤية المبيع قالوا: تكفي رؤية المبيع قبل العقد


(١) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ورواه أيضاً الطبراني في الكبير عن ابن عباس، وفي الأوسط عن ابن عمر وسهل بن سعد (وقد سبق تخريجه).
(٢) المغني: ٥٨٠/ ٣ ومابعدها، المحلى: ٣٩٤/ ٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>