للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا: إذا كان المسلم فيه منسوباً إلى موضع معلوم: فإن كان ممايحتمل انقطاعه بالآفة كحنطة قرية كذا بعينها أو أرض كذا بعينها: لايجوز السلم، لعدم تحقق القدرة على التسليم، وهو غرر من غير حاجة، فمنع صحة العقد.

وإن كان مما لايحتمل الانقطاع، كأن يسلم في حنطة إقليم كالعراق أو خراسان، أو في حنطة بلدة كبيرة كسمرقند وبخارى ومحافظة حوران، فيجوز السلم، إذ لايتوهم الانقطاع؛ لأن الغالب في أحكام الشرع ملحق بالمتيقن.

وقال بعض مشايخ الحنفية: لايجوز السلم إذا كان المسلم فيه منسوباً إلى بلدة كبيرة. وعبارتهم: لايجوز إلا في طعام ولاية؛ لأن وهم الانقطاع فيما وراء ذلك ثابت. والصحيح هو ماذكر أولاً (١). هذا هو مذهب الحنفية.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: يشترط أن يكون المسلم فيه عام الوجود مأمون الانقطاع، وقت حلول الأجل فقط، سواء وجد عند العقد أم لم يوجد؛ لأن المهم هو القدرة على التسليم، فيعتبر وقت وجوب التسليم، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنين، فقال: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم» ولم يشترط وجود المسلم فيه حال عقد السلم، ولو كان شرطاً لذكره، ولنهاهم عن السلم سنتين، لأنه يلزم منه انقطاع المسلم فيه أوسط السنة (٢).

إلا أن المالكية شرطوا أن يكون التزام المسلم فيه مطلقاً في الذمة، فلا يجوز


(١) المبسوط: ١٢ ص ١٣٤، فتح القدير: ٥ ص ٣٣١، البدائع: ٥ ص ٢١١.
(٢) المنتقى على الموطأ: ٤ ص ٣٠٠، حاشية الدسوقي: ٣ ص ٢١١، مغني المحتاج: ٢ص١٠٦، المهذب ١ ص ٢٩٨، المغني: ٤ص٢٩٣ومابعدها، غاية المنتهى: ٢ص٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>