للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البيع فلا يشترط قبضه، والبدل يقوم مقامه معنى. وكذلك لايجوز الاستبدال ببدلي الصرف؛ لأن قبضهما شرط حقيقة.

وأما استبدال المسلم فيه: فلايجوز أيضاً قبل القبض كاستبدال المبيع المعين، لأن المسلم فيه مبيع منقول، وإن كان ديناً، وبيع المبيع المنقول قبل القبض لايجوز (١).

وإذا انفسخ عقد السلم أو تقايل العاقدان السلم: فلايجوز الاستبدال برأس مال السلم الموجود مع المسلم إليه، أي أنه لايجوز لرب السلم أن يشتري من المسلم إليه شيئاً برأس المال حتى يقبضه كله، وهذا قول علماء الحنفيةالثلاثة أخذاً بالاستحسان (٢)، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لاتأخذ إلا سلمك، أو رأس مالك» (٣) أي عند الفسخ، ولأن الإقالة بيع جديد في حق شخص ثالث غير العاقدين، والثالث هنا هو الشرع. ويعتبر رأس المال: هو المبيع، وإذا ثبت تشابه رأس المال والمبيع، فالمبيع لايجوز التصرف فيه قبل القبض، فكذا ماأشبهه.

والقياس أن يجوز الاستبدال برأس المال بعد الإقالة أو بعد انفساخ السلم، سواء أكان رأس المال عيناً أم ديناً أي من النقود، وهو قول زفر لأن رأس المال بعد


(١) البدائع: ٥ ص ٢٠٣.
(٢) وذهب مالك إلى أنه لايجوز ذلك إذا كان المسلم فيه طعاماً، لنهي الرسول صلّى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل أن يستوفى (بداية المجتهد: ٢٠٥/ ٢) وأجاز الشافعي وفي قول عن أحمد هذا البيع، لأن صاحب المال قد ملك رأس ماله بالإقالة، وصار ديناً في ذمة المسلم إليه الذي برئ من تسليم المسلم فيه، فيجوز له أن يشتري به ماأحب ممن أحب (الأم: ١١٧/ ٣، المغني: ٣٠٤/ ٤).
(٣) نص الحديث كما رواه الدارقطني عن ابن عمر هو «من أسلف في شيء فلا يأخذ إلا ماأسلف أو رأس ماله» قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: «فلا يأخذ إلا ماأسلم فيه أو رأس ماله» (انظر نيل الأوطار: ٥ص٢٢٧ ومابعدها، نصب الراية: ٤ص٥١). وروى أبو داود في سننه «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره».

<<  <  ج: ص:  >  >>