للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقالة صار ديناً في ذمة المسلم إليه، فكما جاز الاستبدال بسائر الديون جاز بهذا الدين، ويرد عليه بالحديث والمعقول السابقين (١).

واتفقوا على أن الاستبدال ببدلي الصرف بعد الإقالة قبل القبض جائز؛ لأن بدل الصرف لا يتعين بالتعيين، فلو تبايعا دراهم بدنانير، جاز استبدالها قبل القبض بأن يمسكا ما أشارا إليه في العقد، ويؤديا بدله قبيل الافتراق من مجلس الإقالة.

واتفقوا على أن قبض رأس المال بعد الإقالة في السلم في مجلس الإقالة: ليس بشرط لصحة الإقالة؛ لأن عقد الإقالة ليس في حكم إنشاء عقد السلم من كل وجه؛ لأن اشتراط القبض في عقد السلم في مجلس العقد كان للاحتراز عن بيع الكالئ بالكالئ (أي الدين بالدين) والمسلم فيه سقط بالإقالة، فلم يصبح لازماً على المسلم إليه، فلا يتحقق فيه بيع الدين بالدين، فلا يشترط القبض (٢).

أما في الصرف فيشترط القبض لصحة الإقالة، لأنه إذا اعتبرنا الإقالة بيعاً جديداً، كما يقول أبو يوسف، فالتعليل ظاهر، وإذا اعتبرنا الإقالة فسخاً في حق العاقدين، كما يقول أبو حنيفة فهي في تقدير الشرع بيع، لأن أبا حنيفة يقول: هي بيع جديد في حق غير العاقدين، وإذا كانت الإقالة بيعاً فيجب قبض البدلين منعاً من الوقوع في محظور بيع الدين بالدين (٣).

واتفقوا على أن السلم إذا كان فاسداً منذ نشأته، فلا بأس بالاستبدال فيه قبل القبض، إذ ليس له حكم السلم، فيجوز الاستبدال، كما في سائر الديون.


(١) فتح القدير مع العناية: ٥ ص ٣٤٦، رد المحتار: ٤ ص ٢١٨ ومابعدها.
(٢) فتح القدير، المرجع السابق، رد المحتار: ٤ ص ٢١٩.
(٣) البدائع: ٥ ص ٣٠٨، رد المحتار: ٤ ص ٢١٩، ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>