للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف الفقهاء في القدر المجزئ منه (١):

فقال الحنفية على المشهور المعتمد: الواجب مسح ربع الرأس مرة، بمقدار الناصية، فوق الأذنين لا على طرف ذؤابة (ضفيرة)، ولو بإصابة مطر أو بلل باق بعد غسل لم يؤخذ من عضو آخر.

ودليلهم: أنه لا بد من تحقيق معنى المسح عرفاً، فيحمل على مقدار يسمى المسح عليه مسحاً في المتعارف، وبما أن الباء للإلصاق، فيكون معنى الآية وامسحوا أيديكم ملصقة برؤوسكم، والقاعدة: أن الباء إذا دخلت على الممسوح اقتضت استيعاب الآلة، وإذا دخلت على الآلة اقتضت استيعاب الممسوح، فتفيد المسح بمقدار اليد؛ لأن استيعاب اليد ملصقة بالرأس لا يستغرق غالباً سوى الربع، فيكون هو المطلوب من الآية.

ويوضحه مارواه البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم توضأ، فمسح بناصيته، وعلى العمامة، والخفين» وما رواه أبو داود عن أنس قال: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عِمامة قِطْرية (من صنع قَطَر)، فأدخل يده تحت العمامة، فمسح مقدَّم رأسه، ولم ينقض العمامة» (٢)، فكان ذلك بياناً لمجمل الآية القرآنية، لأن الناصية أو مقدم الرأس مقدرة بالربع؛ لأنها أحد جوانب الرأس الأربعة، ولعل أرجح الآراء وجوب مسح مقدار يسمى مسحاً باليد في العرف.

وقال المالكية: والحنابلة في أرجح الروايتين عندهم: يجب مسح جميع


(١) تبيين الحقائق: ١/ ٣، البدائع: ١/ ٤، فتح القدير: ١/ ١٠ وما بعدها، الدر المختار:٩٢/ ١، بداية المجتهد: ١/ ١١، القوانين الفقهية: ص٢١، الشرح الصغير: ١/ ١٠٨ وما بعدها، الشرح الكبير: ١/ ٨٨، المهذب: ١/ ١٧، مغني المحتاج: ١/ ٥٣،المغني:١٢٥/ ١ وما بعدها، كشاف القناع: ١/ ١٠٩ وما بعدها.
(٢) نيل الأوطار: ١/ ١٥٧،١٦٧، نصب الراية: ١/ ١ - ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>