للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان العقد فاسداً بسبب الجهالة، وينفرد السلم عند الجمهور باشتراط تعجيل رأس المال (الثمن) وقبضه فعلاً في مجلس العقد قبل افتراق العاقدين أنفسهما، وأجاز الإمام مالك تأخير قبض رأس المال إلى ثلاثة أيام فأقل؛ لأن ذلك التأخير لهذه المدة القريبة في حكم المعجل، لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه. ولا يشترط في عقد الاستصناع تعجيل رأس المال أو الثمن، وإنما يدفع عادة عند التعاقد ولو في غير مجلس العقد جزء من الثمن، ويؤخر الباقي لحين تسليم الشيء المصنوع.

أما المعقود عليه (المبيع المسلم فيه في عقد السلم، والمصنوع في عقد الاستصناع) فلا بد في كلا العقدين من العلم بجنسه ونوعه وقدره وصفته؛ لأن كلاً منهما مبيع، والمبيع يشترط كونه معلوماً غير مجهول.

ولا يجوز اشتمال كلا العقدين على الربا، كأن اتحد الثمن والمبيع في الجنس كبُر ببر، أو شعير بشعير طبيعي أو مصنَّع (مجروش مثلاً) مع التفاضل في ربا الفضل، أو نسيئة مؤجلاً من غير تفاضل مع تأخير التقابض في الأموال الربوية (الأصناف الستة المعروفة في الحديث النبوي وما في معناها) (١).

ولا يثبت خيار الشرط في السلم، وإنما لا بد من أن يكون العقد باتاً لا خيار فيه، أما الاستصناع فهو عقد غير لازم يثبت الخيار فيه قبل العمل أو الصنع، وكذا عند أبي حنيفة ومحمد بعد الفراغ من الصنع، وذهب أبو يوسف إلى لزوم العقد بعد الصنع والرضا به كما تقدم.

أما خيار الرؤية وخيار العيب فيثبت كل منهما في رأس مال السلم إذا كان عيناً قيمية أو مثلية، وأما في المسلم فيه فلا يثبت خيار الرؤية فيه باتفاق الحنفية حتى


(١) وهي الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح.

<<  <  ج: ص:  >  >>