للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبوت الخيار للمشتري في هذه الحالة يشبه حالة ما لو اشترى رجل شيئاً لم يره ثم رآه، فتزول الجهالة بالرؤية.

وقال الصاحبان: يصح البيع في كل الصبرة؛ لأن المبيع معلوم بالإشارة إليه في الجملة، ومن المقرر أنه لا يشترط لصحة البيع معرفة مقدار المشار إليه. وأما جهالة الثمن فإنها لا تضر إذ أن العلم به ممكن بالعدّ، بأن تكال الصبرة في مجلس العقد.

وقول الصاحبين هو المفتى به تيسيراً على الناس، وهو الذي رجحه صاحب الهداية لتأخيره دليلهما عن دليل أبي حنيفة كما هي عادته، وبه قال أئمة المذاهب الآخرين، ولكن صاحب فتح القدير رجح قول الإمام ودليله.

هذا حكم بيع صبرة الطعام أي وما يشبه ذلك من المثليات، أما القيميات (١) كالحيوان والثوب فحكمها ما يأتي:

من باع قطيع عنم كل شاة بدرهم مثلاً، فالبيع فاسد في الجميع عند أبي حنيفة، حتى وإن علم عددها في مجلس العقد على الأصح، للجهالة وقت العقد. ولا يصح حينئذ بيع الشاة الواحدة بما سمي من ثمن لكل واحدة من القطيع؛ لأن بيع شاة من قطيع لا يصح للتفاوت بين أفراد الشياه، بخلاف بيع قفيز من صبرة، فإنه يصح بيع قفيز واحد عنده، كما تقدم،، لعدم التفاوت بين أجزاء الطعام، ومثله كل مكيل من الحبوب، فلا تفضي الجهالة في المثليات إلى المنازعة، ولكنها تؤدي إليها في القيميات التي لا تتماثل آحادها.


(١) المثليات: هي المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة وبعض أنواع الذرعيات، والقيميات: هي التي تتفاوت أفرادها بحيث يكون لكل فرد منها اعتبار خاص وقيمة معينة كالحيوانات والأراضي والدور والأشجار والطنافس والثياب ونحوها من العدديات المتفاوتة كالبطيخ وأنواع الفاكهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>