للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أن يكون البيع في كل ما كان المقصود منه الكثرة لا الآحاد: فيصح الجزاف في المكيلات والموزونات كالحبوب والحديد، والممسوحات أو المذروعات كالأرضين والثياب، ولا يجوز الجزاف في المعدودات إلا إذا كان في عدّه مشقة؛ لأن العد متيسر لغالب الناس، وهذا هو المراد بالمذكور في الشرط: وهو ألا يكون القصد منه آحاد أو أفراد أعيانه. فإن كان في عده مشقة جاز بيعه جزافاً، وإن كان القصد موجهاً إلى كل فرد من أفراده على حدة لم يجز بيعه جزافاً.

وعلى هذا يجوز بيع المعدود جزافاً إذا قل ثمن أفراده كالبيض والتفاح والرمان والبطيخ المتماثل في الحجم نسبياً بأن كان كله كبيراً أو كله صغيراً، لا ماكان بعضه صغيراً وبعضه كبيراً. ولا يجوز بيع المعدود جزافاً إن قصد كل فرد من أفراده بثمن معين كالعبيد والثياب والدواب، وحينئذ لا بد من عده، فإن لم تقصد أفراد هذه الأشياء جاز بيعها جزافاً.

ولا يجوز فيما له خطر وهو بيع الدراهم والدنانير والجواهر جزافاً، ويجوز بيع التبر والفضة غير المسكوكين جزافاً.

والخلاصة: متى عدَّ المعدود بلا مشقة لم يجز جزافاً سواء قصدت أفراده أم لا، قل ثمنها أم لا، ومتى عدَّ بمشقة فإن لم تقصد أفراده جاز بيعه جزافاً قل ثمنها أم لا، وإذا قصدت جاز جزافاً إن قل ثمنها ومنع إن لم يقل (١).

وأما الحنفية فقد عرفنا الخلاف المذهبي عندهم، فالإمام أبو حنيفة يحصر جواز بيع الجزاف في المكيل والموزون (أي المثليات) في الكيل الواحد منها، والصاحبان يجيزان بيع المجازفة في المكيلات والموزونات والذرعيات كالثياب


(١) انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير: ٣ ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>