للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف الفقهاء في اشتراط النية للطهارة:

فقال الحنفية (١): يسن للمتوضئ البداية بالنية لتحصيل الثواب، ووقتها: قبل الاستنجاء ليكون جميع فعله قربة. وكيفيتها: أن ينوي رفع الحدث، أو إقامة الصلاة، أو ينوي الوضوء أو امتثال الأمر. ومحلها القلب، فإن نطق بها ليجمع بين فعل القلب واللسان، فهو مستحب عند المشايخ.

ويترتب على قولهم بعدم فرضية النية: صحة وضوء المتبرد، والمنغمس في الماء للسباحة أو للنظافة أو لإنقاذ غريق، ونحو ذلك.

واستدلوا على رأيهم بما يأتي:

١ً - عدم النص عليها في القرآن: إن آية الوضوء لم تأمر إلا بغسل الأعضاء الثلاثة والمسح بالرأس، والقول باشتراط النية بحديث آحاد زيادة على نص الكتاب، والزيادة على الكتاب عندهم نسخ، لا يصح بالآحاد.

٢ً - عدم النص عليها في السنة: لم يعلمها النبي صلّى الله عليه وسلم للأعرابي مع جهله. وفرضت النية في التيمم لأنه بالتراب، وليس هو مزيلاً للحدث بالأصالة، وإنما هو بدل عن الماء.

٣ً - القياس على سائر أنواع الطهارة وغيرها: إن الوضوء طهارة بماء، فلا تشترط لها النية كإزالة النجاسة، كما لا تجب النية في شروط الصلاة الأخرى كستر العورة، ولا تجب أيضاً بغسل الذمية من حيضها لتحل لزوجها المسلم.

٤ً - إن الوضوء وسيلة للصلاة، وليس مقصوداً لذاته، والنية شرط مطلوب في المقاصد، لا في الوسائل.


(١) الدر المختار: ١/ ٩٨ - ١٠٠، اللباب: ١/ ١٦، مراقي الفلاح: ص ١٢، البدائع:١٧/ ١، مقارنة المذاهب في الفقه: ص١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>