للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأجر داراً لمدة سنة في بعض الشهر، فإنه يسكن بقية هذا الشهر بالأيام، ويكمل ما بقي من الشهر الأول من الشهر الأخير، والباقي من السنة وهو أحد عشر شهراً بالأهلة؛ لأن الأيام يصار إليها ضرورة، والضرورة قائمة في الشهر الأول فقط من السنة. ووجه الرواية الأولى أنه متى تم الشهر الأول بالأيام ابتدأ الثاني بالأيام ضرورة، وهكذا إلى آخر السنة (١).

الإجارة مشاهرة: تشدد الشافعية في شرط معرفة المدة، فقالوا في الصحيح عندهم: إن آجر شخص داره كل شهر بدينار مثلاً، أو كل يوم أو كل جمعة أو كل سنة بكذا، فالإجارة باطلة؛ لأن كل شهر يحتاج إلى عقد جديد لإفراده بأجرة معينة، ولم يوجد عقد، وذلك يقتضي البطلان، هذا بالإضافة إلى جهالة مدة الإجارة، فصار كما لو قال: آجرتك مدة أو شهراً (٢).

وقال جمهور الفقهاء: تصح الإجارة في الشهر الأول وتلزم، وأما ما عدها من الشهور فلا يلزم إلا بالدخول فيه أو التلبس فيه؛ لأن شروعه مع ما تقدم في العقد من الاتفاق على تقدير أجره والرضا ببذله جرى مجرى ابتداء العقد عليه، وصار كبيع المعاطاة إذا جرى من المساومة ما دل على التراضي بها (٣).

وأما بيان العمل في استئجار الصناع والعمال فهو أمر مطلوب منعاً من الجهالة؛ لأن جهالة العمل في الاستئجار على الأعمال جهالة مفضية إلى المنازعة، فيفسد العقد، فلو استأجر عاملاً، ولم يسم له العمل من الخياطة والرعي وعزق الأرض ونحوه لم يجز العقد.


(١) تكملة فتح القدير: ٧ ص ١٧٨، البدائع: ٤ ص ١٨١، المبسوط: ١٥ ص ١٣٢، تبيين الحقائق: ٥ ص ١٢٣: المهذب: ١ ص ٣٩٦، رد المحتار على الدر المختار: ٥ ص ٣٥.
(٢) المهذب: ١ ص ٣٩٦، مغني المحتاج: ٢ ص ٣٤٠، الميزان للشعراني: ٢ ص ٩٥.
(٣) البدائع: ٤ ص ١٨٢، تبيين الحقائق: ٥ ص ١٢٢، الشرح الكبير للدردير: ٤ ص ٤٤، المغني: ٥ ص ٤٠٩، القوانين الفقهية: ص ٢٧٥ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>