للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعامل بين الناس، فلا يجوز استئجار الأشجار لتجفيف الثياب (١) عليها والاستظلال بها؛ لأن هذه منفعة غير مقصودة من الشجر (٢).

وأما شرط المحل المعقود عليه: فهو أن يكون مقبوضاً إذا كان منقولاً، وإن لم يكن مقبوضاً فلا تصح إجارته لنهي النبي صلّى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض (٣)، والإجارة نوع من البيع فيشملها النهي (٤).

فإن كان الشيء المأجور عقاراً فهو على الاختلاف الذي ذكر في مبحث البيع الفاسد.

وأما شروط الأجرة فهي اثنان (٥):

أولاً ـ أن تكون الأجرة مالاً متقوماً معلوماً: وهذا باتفاق العلماء.


(١) ذكر القرافي المالكي في الفروق (٣/ ٤ - ٤) ثمانية شروط في المنفعة التي تجوز عليها الإجارة وهي:
الأول ـ الإباحة: احترازاً من الغناء وآلات الطرب ونحوها.
الثاني ـ قبول المنفعة للمعاوضة، احترازاً من النكاح.
الثالث ـ كون المنفعة متقومة، احترازاً من التافه الحقير الذي لا يقابل بعوض. واختلف في استئجار الأشجار لتجفيف الثياب، فمنعه ابن القاسم.
الرابع ـ تكون مملوكة، احترازاً من الأوقاف الموقوفة للسكنى كبيوت المدارس.
الخامس ـ ألا يتضمن استيفاء عين، احترازاً من إجارة الأشجار لثمارها أو الغنمة لنتاجها، واستثني من ذلك إجارة المرضع للبنها للضرورة في الحضانة.
السادس ـ أن يقدر على تسليمها، احترازاً من استئجار الأخرس.
السابع ـ أن تحصل للمستأجر احترازاً من الاستئجار على العبادات كالصوم ونحوه.
الثامن ـ كونها معلومة احترازاً عن المجهولات من المنافع كمن استأجر آلة لايدري ما يعمل بها.
(٢) البدائع، المصدر السابق.
(٣) في هذا أحاديث، منها ما رواه أحمد ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إذا ابتعت طعاماً فلا تبعه حتى تستوفيه» (انظر نيل الأوطار: ٥ ص ١٥٧ وقد سبق ذكر بعض رواياته) ومنها ما أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه عن ابن عباس بلفظ: «من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه» (انظر جامع الأصول: ١ ص ٣٨٣ وما بعدها).
(٤) البدائع: ٤ ص ١٩٣.
(٥) البدائع، المصدر السابق: ١٩٣ - ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>