للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحترزات هذا الشرط معروفة كما مر في عقد البيع. والأصل في اشتراط العلم بالأجرة قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «من استأجر أجيراً فليعلمه أجره» والعلم بالأجرة لا يصح إلا بالإشارة والتعيين، أو بالبيان (١).

ولا بد من معرفة مكان إيفاء الأجرة فيما يحتاج لحمل ومؤنة عند أبي حنيفة. وأما عند الصاحبين: فلا يشترط ذلك، ويتعين مكان العقد للإيفاء (٢).

ومما يتفرع على شرط العلم بالأجرة: أنه لو استأجر إنسان شخصاً بأجر معلوم وبطعامه، أو استأجر دابة بأجر معلوم وبعلفها، لم تجز الإجارة؛ لأن الطعام أو العلف يصير أجرة، وهو قدر مجهول، فكانت الأجرة مجهولة.

وأجاز المالكية (٣) استئجار الأجير للخدمة، والدابة بالطعام، والخادم بالكسوة ونحوها عملاً بالمتعارف بين الناس، وكذا استئجار الظئر بطعام أو غيره.

استئجار الظئر: ولو استأجر شخص ظئراً (مرضعاً) بطعامها وكسوتها لاتجوز الإجارة بمقتضى الأخذ بالقياس: وهو قول الصاحبين والشافعية، لجهالة الأجرة وهي الطعام والكسوة، إلا أن أبا حنيفة استحسن الجواز بالنص: وهو قوله تعالى: {وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف} [البقرة:٢٣٣/ ٢] نفى الله سبحانه الجناح في الاسترضاع مطلقاً. وجهالة الأجرة في تلك الحالة لا تفضي إلى المنازعة؛ لأن العادة جرت بالمسامحة مع الأظآر والتوسعة عليهن شفقة على الأولاد، فأشبهت حالة جهالة القفيز من الصبرة (٤).


(١) تكملة فتح القدير: ٧ ص ١٤٨، ١٨٧، البدائع: ٤ ص ١٩٣، المغني: ٥ ص ٤٠٤.
(٢) المبسوط: ١٥ ص ١١٣.
(٣) القوانين الفقهية: ص ٢٧٤، الشرح الصغير: ٣١/ ٤.
(٤) تكملة فتح القدير: ٧ ص ١٨٥، البدائع: ٤ ص ١٩٣ ومابعدها، المبسوط: ١٥ ص ١١٩، تبيين الحقائق: ٥ ص ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>