للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما أفسد من خبزه، والحمال يضمن ما يسقط من حمله عن رأسه، أو تلف أثناء عثرته، والجمال يضمن ما تلف بقيادته وسوقه وانقطاع حبله الذي يشد به بعيره، والملاح يضمن ما تلف من يده أو مما يعالج به السفينة (١). ودليلهم قول النبي صلّى الله عليه وسلم «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (٢) وماروي عن علي رضي الله عنه أنه كان يضمِّن الصباغ والصواغ ويقول: «لا يصلح الناس إلا هذا» وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يضمِّن الأجير المشترك احتياطاً لأموال الناس (٣)، ولأن الأجير المشترك قبض العين لمنفعته من غير استحقاق، فيضمن كالمستعير (٤).

وكذلك عند الإمام مالك يضمن الأجير الطعام الذي يحمله إذا كانت تتوق النفس إلى تناوله سداً للذرائع.

ما يغيِّر الشيء من صفة الأمانة إلى صفة الضمان: إذا كان الشيء المأجور،


(١) وفصل ابن جزي المالكي فقال: يضمن الصناع ما غابوا عليه أي أخفوه، سواء عمل بأجرة أو بغير أجرة، ولا يضمنون ما لم يغيبوا عليه، وهذا هو المعتمد لدى المالكية (الشرح الصغير: ٤٧/ ٤).
(٢) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه الحاكم عن سمرة بن جندب، ورواه أيضاً الطبراني والحاكم وابن أبي شيبة (انظر جامع الأصول: ٩ ص ١١٠، نصب الراية: ٤ ص ١٦٧، التلخيص الحبير: ص ٢٥٣، المقاصد الحسنة: ص ٢٩٠، نيل الأوطار: ٥ ص ٢٩٨، سبل السلام: ٣ ص ٦٧).
(٣) حديث عمر أخرجه عبد الرزاق بسند منقطع عنه أن عمر ضمن الصناع. وأما حديث علي فرواه البيهقي من طريق الشافعي عن علي بسند ضعيف، قال الشافعي: هذا لا يثبت أهل الحديث مثله، ولفظه: أن علياً ضمن الغسال والصباغ، قال الشافعي: «لا يصلح الناس إلا ذلك» وروي عن عثمان من وجه أضعف من هذا، وروى البيهقي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي أنه كان يضمن الصباغ والصائغ، وقال: «لا يصلح الناس إلا ذاك» (انظر التلخيص الحبير: ص ٢٥٦، سنن البيهقي: ١٢٢/ ٦، كنز العمال: ١٩١/ ٢ وما بعدها).
(٤) بداية المجتهد: ٢ ص ٢٢٩، ٢٣٠، الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي: ٤ ص ٢٧ ومابعدها، المغني: ٥ ص ٤٧٩ ومابعدها، القوانين الفقهية: ص ٣٣٦، الفروق للقرافي: ٢ ص ٢٠٧، ٤ ص ١١، ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>