للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أقام كل منهما بينة على مدعاه: فإن كان الاختلاف في البدل فبينة المؤجر أولى؛ لأنها تثبت زيادة الأجرة، وإن كان الاختلاف في المبدل فبينة المستأجر أولى؛ لأنها تثبت زيادة المنفعة.

وإن كان اختلاف العاقدين بعد استيفاء المستأجر بعض المنفعة بأن سكن الدار المستأجرة بعض المدة، أو ركب الدابة المستأجرة بعض المسافة فالقول قول المستأجر فيما مضى مع يمينه، ويتحالفان وتفسخ الإجارة فيما بقي؛ لأن العقد على المنافع ساعة فساعة على حسب حدوثها شيئاً فشيئاً، فكان كل جزء من أجزاء المنفعة مقعوداً عليه عقداً مبتدءاً، فيجعل ما بقي من المدة والمسافة منفرداً بالعقد، فيتحالفان فيه.

وإن كان اختلافهما بعد انتهاء مدة الإجارة أو بعد بلوغ المسافة التي تم العقد عليها لا يتحالفان، والقول قول المستأجر في مقدار البدل مع يمينه، ولا يمين على المؤجر؛ لأن التحالف يؤدي إلى فسخ الإجارة، والمنافع غير الموجودة لا تحتمل فسخ العقد، فلا يثبت التحالف.

وإن اختلف الخياط وصاحب الثوب، فقال صاحب الثوب: أمرتك أن تعمله قَبَاء (١) وقال الخياط: أمرتني أن أعمله قميصاً، أو قال صاحب الثوب للصباغ: أمرتك أن تصبغه بلون أحمر، فصبغته بلون أصفر، وقال الصباغ: لا، بل أمرتني بلون أصفر، فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه. وهذا هو القول الأظهر في مذهب الشافعية (٢)؛ لأن أصل الإذن صادر من المالك، فلو أنكر الإذن مطلقاً كان القول قوله، فكذا إذا أنكر صفة الإذن.


(١) ثوب يلبس فوق الثياب.
(٢) مغني المحتاج: ٣٥٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>