للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً ـ كون الجعل (أو الأجرة) مالاً معلوماً. فإن كان الجعل مجهولاً فسد العقد لجهالة العوض، مثل من وجد سيارتي فله ثوب، أو أرضيه، ونحوه، ويكون للواجد (الرادّ) أجرة مثله، كالإجارة الفاسدة.

وإن كان الجعل حراماً كخمر أو مغصوب، فسد العقد أيضاً لنجاسة عين الخمر، وعدم القدرة على تسليم المغصوب.

ثالثاً ـ أن تكون المنفعة معلومة حقيقة، مباحاً الانتفاع بها شرعاً، فلا تجوز الجعالة على إخراج الجن من شخص، ولا على حل سحر مثلاً، لأنه يتعذر معرفة كون الجن خرج أم لا، أو انحل السحر أم لا. كما لا تجوز الجعالة على ما يحرم نفعه كالغناء والزمر والنواح وسائر المحرمات. والقاعدة في ذلك (١): أن كل ما جاز أخذ العوض عليه في الإجارة، جاز أخذ العوض عليه في الجعالة، ومالا يجوز أخذ العوض عليه في الإجارة، لا يجوز أخذ الجعل عليه، لقوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة:٢/ ٥] وأضاف المالكية: «كل ما جاز فيه الجعل كحفر الآبار في فلاة، جازت فيه الإجارة، لا العكس، فليس كل ما جازت فيه الإجارة، جاز فيه الجعل» مثل بيع سلع (٢) وخدمة شهر، وحفر بئر بملك، تصح فيه الإجارة دون الجعالة، فالإجارة أعم، من ناحية المحل المعقود عليه. والسبب في عدم صحة الجعالة فيما ذكر: أن الجعالة تكون فيما لا يحصل للجاعل نفع إلا بتمام العمل، وهذه الأمور يبقى فيها للجاعل منفعة إذا لم يتم العامل العمل.


(١) كشاف القناع: ٢٢٨/ ٤، الشرح الكبير: ٦٣/ ٤ ومابعدها، الشرح الصغير: ٨٤/ ٤.
(٢) بيع سلع من ثياب أو إبل إذا لم يأخذ العامل الجعل إلا على بيع الجميع، لأن تعدد السلع بمنزلة عقود متعددة يستحق الجعل في كل سلعة بانتهاء عملها.

<<  <  ج: ص:  >  >>