للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، فيقولا: اشتركنا على أن نشتري بالنسيئة ونبيع بالنقد، على أن ما رزق الله سبحانه من ربح أي (من فرق الأثمان)، فهو بيننا على شرط كذا.

وسمي هذا النوع شركة الوجوه، لأنه لا يباع بالنسيئة إلا لوجيه من الناس عادة. وهي معروفة بالشركة على الذمم من غير صنعة ولا مال.

وهي جائزة عند الحنفية والحنابلة والزيدية، لأنها شركة عقد تتضمن توكيل كل شريك صاحبه في البيع والشراء، وتوكيل كل واحد منهما صاحبه بالشراء على أن يكون المشترى بينهما صحيح، فكذلك الشركة التي تتضمن ذلك. هذا بالإضافة إلى أن الناس تعاملوا بها في سائر الأعصار من غير إنكار من أحد. والخلاصة: أن ما اتفقا عليه يعد عملاً من الأعمال، فيجوز أن تنعقد عليه الشركة (١).

وقال المالكية والشافعية والظاهرية والإمامية والليث وأبو سليمان وأبو ثور: إن هذه الشركة باطلة؛ لأن الشركة تتعلق بالمال أو بالعمل، وكلاهما معدومان في هذه المسألة (٢)، فلا يوجد مال مشترك بين الشركاء، مع ما فيها من الغرر إذ إن كل شريك يعاوض صاحبه بكسب غير محدد بصناعة، أو بعمل مخصوص، فلم يكن الربح نماء للمال، ولا مقابلاً للعمل، فلايستحق.

وبناء على الرأي الأول يصح تباين الشريكين في حصتهما في ملكية الشيء المشترى، فيصح أن يكون لأحدهما النصف أو أكثر من النصف، لحديث الرسول عليه السلام: «المسلمون على شروطهم». وأما الربح فيكون بينهما على قدر


(١) غاية المنتهى: ١٨٠/ ٢، المغني: ١٢/ ٥، البدائع: ٥٧/ ٦، فتح القدير: ٣٠/ ٥ ومابعدها، مجمع الضمانات: ٣٠٣، المبسوط: ١٥٤/ ١١. ويمكن اعتبار هذه الشركة صحيحة قانوناً على أساس أن رأس مالها هو مايشترى من السلع نسيئة.
(٢) بداية المجتهد: ٢٥٢/ ٢، الخرشي: ٥٥/ ٦، ط ثانية، مغني المحتاج: ٢١٢/ ٢، المهذب: ٣٤٦/ ١، الميزان للشعراني: ٨٣/ ١، القوانين الفقهية: ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>