للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تجوز الشركة في العروض (١) من عقار أو منقول، لأنها ليست من ذوات الأمثال، وإنما هي من ذوات القيمة التي تختلف باختلاف أعيانها، والشركة فيها تؤدي إلى جهالة الربح عند قسمة مال الشركة؛ لأن رأس المال يتكون من قيمة العروض لا عينها، والقيمة مجهولة؛ لأنها تعرف بالحزر والظن، وهو يختلف باختلاف التقويم، فيصير الربح مجهولاً؛ فيؤدي إلى المنازعة عند القسمة. ثم إن الشركة تتضمن الوكالة، والوكالة لا تصح في العروض، فلو قال شخص لغيره: بع عرضك (أي متاعك أو دارك) على أن يكون ثمنه بيننا، لا يجوز إذ الولاية عليه له وحده دون غيره، أما لو قال: اشتر بألف درهم من مالك على أن ما اشتريته يكون بيننا، وأنا أشتري بألف درهم من مالي على أن ما أشتري يكون بيننا، جاز؛ لأن الشركة تكون في النقود.

وقال الإمام مالك: لا يشترط كون رأس مال الشركة نقداً، وإنما تصح الشركة في الدراهم والدنانير، كما تصح في العروض سواء اتفقا جنساً أو اختلفا، وتكون الشركة في العروض مقدرة بقيمتها، ودليله أن الشركة عقدت رأس مال معلوم، فأشبه النقود (٢).

ويترتب على هذا الشرط عند الحنفية في الرواية الراجحة، وعند الحنابلة: أنه لا تصح الشركة في التبر (أي ما لم يضرب من الذهب والفضة) والنُقرة (أي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة) بناء على أنه كالعروض.

أما في الرواية الأخرى عند الحنفية فتجوز الشركة فيه؛ لأنه كالأثمان المطلقة، والمدار على تعامل الناس به، فإذا تعاملوا به فحكمه حكم النقود، وإن لم يتعاملوا


(١) قال في القاموس: العرض (أي بسكون الراء): المتاع، ويحرك أي يفتح الراء.
(٢) الشرح الكبير: ٣٤٩/ ٣، بداية المجتهد: ٢٤٩/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>