للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة: لا تجوز الشركة في ظاهر المذهب في المكيل والموزون والعدديات المتقاربة، كما لا تجوز في سائر العروض (١).

وقال الحنفية والشيعة الإمامية والزيدية: لا تجوز الشركة في المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة قبل الخلط؛ لأنها إنما تتعين بالتعيين إذا كانت عيناً، فكانت كالعروض، فهي ليست أثماناً مطلقة، مع العلم بأن شرط جواز الشركة أن يكون رأس المال مما لا يتعين بالتعيين، فلو قال شخص لغيره: بع حنطتك على أن يكون ثمنها بيننا لم يجز، وأما بعد الخلط: فإن كانت الشركة في جنسين مختلفين كالحنطة والأرز والشعير فلا تجوز، وإن كانت من جنس واحد فلاتصح أيضاً عند أبي يوسف، وإنما تصير شركة أملاك.

وقال أبو حنيفة ومحمد: تصح الشركة فيها بعد الخلط، فيكون مذهب الحنفية قريباً من مذهب الشافعية.

وتظهر فائدة الخلاف عند التساوي في المالين واشتراط التفاضل في الربح، بأن كان المكيل نصفين بين شريكين، ولكنهما شرطا أن يكون الربح أثلاثاً، فخلطاه، واشتريا به، فعلى قول أبي يوسف: يكون الربح بينهما على قدر المالين نصفين. وعلى قول محمد: يكون الربح بحسب ما شرطا.

وجه قول أبي يوسف: هو أنه متمشٍ مع الأصل الذي بنى عليه الحنفية عدم جوازالشركة في المكيلات والموزونات ونحوها قبل الخلط: وهو أنها ليست أثماناً مطلقة على كل حال، بل قد تكون تارة ثمناً، وتارة مبيعاً؛ لأنها تتعين بالتعيين في الجملة فكانت كالفلوس، وشرط جواز الشركة ألا يكون رأس المال مما يتعين بالتعيين.


(١) المغني: ١٣/ ٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>