للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه إذا شرط جميع الربح لرب المال كان العقد مباضعة، ولو شرط جميعه للمضارب كان قرضاً.

مشروعية المضاربة: اتفق أئمة المذاهب على جواز المضاربة بأدلة من القرآن والسنة والإجماع والقياس، إلا أنها مستثناة من الغرر والإجارة المجهولة.

أما القرآن: فقوله تعالى: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله} [المزمل:٢٠/ ٧٣] والمضارب: يضرب في الأرض يبتغي من فضل الله عز وجل، وقوله سبحانه: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} [الجمعة:١٠/ ٦٢]. فهذه الآيات بعمومها تتناول إطلاق العمل في المال بالمضاربة.

وأما السنة: فما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كان سيدنا العباس بن عبد المطلب إذا دفع المال مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحراً، ولا ينزل به وادياً، ولايشتري به دابة ذات كبد رطبة، فإن فعل ذلك ضمن، فبلغ شرطه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأجازه» (١)، وروى ابن ماجه عن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع» (٢).

وأما الإجماع: فما روي عن جماعة من الصحابة أنهم دفعوا مال اليتيم مضاربة (٣) ولم ينكر عليهم أحد، فكان إجماعاً، وروي أن عبد الله وعبيد الله ابني


(١) رواه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس. قال الهيثمي: وفيه أبو الجارود الأعمى وهو متروك كذاب (راجع مجمع الزوائد: ١٦١/ ٤).
(٢) إسناده ضعيف (راجع سبل السلام: ٧٦/ ٣) والحق ما قال ابن حزم في مراتب الإجماع: «كل أبواب الفقه لها أصل من الكتاب أو السنة حاشا القراض، فما وجدنا له أصلاً فيهما البتة، ولكنه إجماع صحيح مجرد، والذي نقطع به أنه كان في عصره صلّى الله عليه وسلم، فعلم به وأقره، ولولا ذلك لما جاز» (انظر التلخيص الحبير: ص ٢٥٥).
(٣) انظر نصب الراية: ١١٣/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>