للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوديعة: وكذلك تجوز المضاربة عند الحنفية والشافعية والحنابلة إذا كان في يد شخص وديعة، فقال له المودع: ضارب بها؛ لأن الوديعة ملك رب المال، فجاز أن يضاربه عليها، كما لو كانت حاضرة، فقال: (قارضتك على هذا الألف) وأشار إليه في زاوية البيت.

والفرق بين هذه الحالة والدين: أن عين المال في حالة الدين لا يصير ملكاً للدائن إلا بقبضه.

وقال المالكية: المرهون أو الوديعة لا يجوز أن يكون أحدهما رأس مال القراض؛ لأنه شبيه بالدين.

المغصوب: والمضاربة تجوز أيضاً فيما إذا كان المال مغصوباً، فضارب به الغاصب؛ لأنه مال لرب المال يباح له بيعه من غاصبه ومن يقدر على أخذه منه، فأشبه الوديعة (١).

رابعاً ـ أن يكون رأس المال مسلَّماً إلى العامل: ليتمكن من العمل فيه، ولأن رأس المال أمانة في يده، فلا يصح إلا بالتسليم وهو التخلية كالوديعة، ولا تصح المضاربة مع بقاء يد رب المال على المال، لعدم تحقق التسليم مع بقاء يده. ويترتب عليه أنه لو شرط بقاء يد المالك على المال فسدت المضاربة، إذ لا بد من استقلال العامل بالتصرف والعمل بمقتضى طبيعة التجارة وظروفها التي يتعذر فيها الاشتراك في العمل الذي يحتاج إنجازه لسرعة واهتبال الفرصة المواتية. فإن استعان العامل بصاحب المال في العمل، دون اشتراط، جاز ذلك، لأن الاستعانة به لا تخرج المال من العامل.

وهذا الشرط محل اتفاق بين الجمهور (أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي


(١) انظر البدائع: ٨٣/ ٦، المغني: ٦٨/ ٥ ومابعدها، المهذب: ٣٨٥/ ١، مغني المحتاج: ٣١٠/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>