للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن جواز عقد المضاربة كان للرفق بالناس، فإذا عين المتعاقدان مقداراً مقطوعاً محدداً، بأن شرطا مثلاً أن يكون لأحدهما مئة دينار أو أقل أو أكثر، والباقي للآخر، فلا يصح هذا الشرط، والمضاربة فاسدة؛ لأن المضاربة تقتضي الاشتراك في الربح، وهذا الشرط يمنع الاشتراك في الربح، لاحتمال ألا يربح المضارب إلا هذا القدر المذكور، فيكون الربح لأحدهما دون الآخر، فلا تتحقق الشركة، وبالتالي لا يكون التصرف مضاربة.

ولا تجوز المضاربة إذا جعل للعامل جزء من ربح غير المال المتجر فيه، وصرح المالكية أنه يجوز أن يتراضى العاقدان بعد العمل على جزء قليل أو كثير.

وكذلك تفسد المضاربة إذا شرط زيادة ربح كعشرة مثلاً لأحد الشريكين، لاحتمال ألا يربح العامل إلا هذا القدر، فلا تتحقق الشركة في الربح. وحينئذ يلزم للعامل أجر المثل كما في سائر أنواع المضاربة الفاسدة (١).

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.

وبناء عليه: لا تصح المضاربة بربح محدد كالفائدة التي تقدمها المصارف على الودائع؛ لأن المضاربة تقتضي الاشتراك في الربح بدون تحديد نسبة مقطوعة كسبعة في المئة مثلاً. ولا تصح المضاربة على أن يأخذ العامل راتباً شهرياً معيناً، ونسبة من الأرباح عند تصفية الشركة أو الجرد السنوي وغيره.


(١) انظر المبسوط: ٢٧/ ٢٢، تبيين الحقائق: ٥٤/ ٥، البدائع: ٨٥/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٦٠/ ٧، مجمع الضمانات: ص ٣٠٣، الشرح الكبير للدردير: ٥١٧/ ٣، مغني المحتاج: ٣١٣/ ٢، بداية المجتهد: ٢٣٤/ ٢، المغني: ٣٤/ ٥، نهاية المحتاج: ١٦٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>