للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب الشافعية والحنابلة في المضاربة الفاسدة كالحنفية إلا أنهم قالوا:

إذا تصرف المضارب نفذ تصرفه، لأنه أذن له فيه، فإذا بطل العقد بقي الإذن، فملك به التصرف كما في الوكالة الفاسدة، وهذا بخلاف البيع، فإنه لو فسد لاينفذ تصرف المشتري، مع أن البائع قد أذن له في التصرف، والفرق هو أن المشتري إنما يتصرف بالملك لا بالإذن، ولا ملك في البيع الفاسد.

والربح جميعه في هذين المذهبين حين الفساد لرب المال؛ لأنه نماء ملكه، وعليه الخسران أيضاً. ويكون للمضارب أجرة مثل عمله، وإن لم يكن ربح، لأنه عمل طامعاً في المسمى، فإذا لم يحصل له المسمى وجب رد عمله إليه، وهو متعذر، فتجب قيمته وهي أجرة مثله، كما لو تبايعا بيعاً فاسداً وتقابضا وتلف أحد العوضين في يد القابض له، وجب رد قيمته (١).

وقال المالكية: يرد العامل في جميع أحكام المضاربة الفاسدة إلى قراض مثله في الربح والخسارة وغيرها في أحوال معدودة، وله أجر مثل عمله في غيرها من الحالات. وعليه إذا حدث ربح في الحالات الأولى، فيثبت حق المضارب في الربح نفسه، لا في ذمة رب المال، حتى إذا هلك المال لم يكن للمضارب شيء، وإذا لم يكن ربح فلا شيء له (٢).

والفرق بين قراض المثل وأجرة المثل: أن الأجرة في أجرة المثل تتعلق بذمة رب المال، سواء كان في المال ربح أو لم يكن، وقراض المثل: هو على سنة القراض، إن كان فيه ربح كان للعامل منه، وإلا فلا شيء له (٣).


(١) مغني المحتاج: ٣١٥/ ٢، المهذب: ٣٨٨/ ١، المغني: ٦٥/ ٥ ومابعدها.
(٢) الشرح الكبير للدردير: ٥١٩/ ٣ ومابعدها، بداية المجتهد: ٢٤٠/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٨٢، الخرشي: ٢٠٥/ ٦ - ٢٠٨، ط ثانية ببولاق ١٣١٧ هـ.
(٣) بداية المجتهد: ٢٤١/ ٢، المقدمات الممهدات: ١٤/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>