للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورات التجارة. وليس للمضارب عند المالكية أن يأتمن على المال أحداً ولا أن يودعه، فإن خالف فهو ضامن.

وله أن يستأجر أجيراً ليعمل في المال؛ لأن الاستئجار من عادة التجار وضرورات التجارة. كما له أن يستأجر البيوت ليجعل المال فيها؛ لأنه لا يقدر على حفظ المال إلا به. وله أيضاً أن يستأجر السفن والدواب للعمل؛ لأن الحمل من مكان إلى مكان طريق لتحصيل الربح، ولا يمكنه النقل بنفسه.

وله أن يوكل بالشراء والبيع؛ لأن التوكيل من عادة التجار، ولأنه طريق الوصول إلى الربح. وله أن يرهن بدين عليه في المضاربة من مال المضاربة، وأن يرتهن بدين له منها على رجل؛ لأن الرهن بالدين والارتهان من باب إيفاء الدين واستيفائه، وهو يملكها. ولكن ليس له أن يرهن بعد نهي رب المال عن العمل ولا بعد موته؛ لأن المضاربة تبطل بالنهي والموت.

وللمضارب أن يسافر بالمال في الرواية المشهورة عند الحنفية، وكذلك عند المالكية وفي وجه عند الحنابلة (١)؛ لأن المقصود من المضاربة استنماء المال، ولأن العقد مطلق، كما أن اسم المضاربة دليل على جواز السفر؛ لأن المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض وهو السير (٢). وقال الشافعي وفي وجه آخر عند الحنابلة: لا يسافر به إلا بإذن رب المال.


(١) قال القاضي أبو يعلى: قياس المذهب جوازه (أي سفر المضارب بالمال إذا لم يكن مخوفاً) بناء على السفر في الوديعة).
(٢) راجع هذه الأحكام في البدائع: ٨٧/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٦٣/ ٧، ٧٩، مختصر الطحاوي: ص ١٢٥، المبسوط: ٣٨/ ٢٢ ومابعدها، ٦٨، تبيين الحقائق: ٥٧/ ٥، ٦٨، مجمع الضمانات: ص ٣٠٥ ومابعدها، الدر المختار بهامش رد المحتار: ٥٠٦/ ٤، الشرح الكبير للدردير: ٥٢٤/ ٣، ٥٢٨، مغني المحتاج: ٣١٥/ ٢، ٣١٧، كشاف القناع: ٢٦٣/ ٢، المغني: ٣٥/ ٥ - ٣٨، الخرشي: ٢١١/ ٦، ط ثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>