للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراض. وهذا إذا لم يرض رب المال، فإذا رضي بالتصرف، كان ذلك من جملة القراض. ولا يجوز للمضارب أن يهب شيئاً كثيراً من مال القراض بغير ثواب (١).

وليس للمضارب أخذ المال على سبيل القرض ليسلمه إلى مدين في بلد آخر يريده المقرض؛ لأنه يكون محتملاً تبعة مخاطر الطريق، ولأن دافع المال (وهو المقرض) استفاد من هذه العملية، وقد ثبت النهي عن قرض جر نفعاً. وهذه هي المسألة المعروفة في الفقه بمسألة السفاتج (٢).

وكذلك ليس للمضارب أن يدفع المال إلى غيره مضاربة، أو أن يشارك به، أو أن يخلطه بمال نفسه أو بمال غيره، إلا إذا قال له رب المال: اعمل برأيك، أو أذن له بالتصرف. أما المضاربة فلا تجوز لأنها مثل المضاربة الأولى، والشيء لا يستتبع مثله، فلا يستفاد بمطلق عقد المضاربة مثله، كما لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد. وأما الشركة فهي أولى ألا يملكها بمطلق العقد؛ لأنه أعم من المضاربة، والشيء لا يستتبع مثله فما فوقه أولى. وأما الخلط فلأنه يوجب في مال رب المال حقاً لغيره، فلا يجوز إلا بإذنه (٣).

ما يجب على العامل المضارب: يجب على العامل القيام بأعمال المضاربة بحسب المعتاد من أمثاله، وبحسب عادة التجار فيما يتعاملون به، فإذا استأجر


(١) كشاف القناع: ٢٥٦/ ٤، مغني المحتاج: ٢١٦/ ٢، الدردير: ٥٢٨/ ٣، بداية المجتهد: ٢٣٩/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٨٣، الخرشي: ٢١١/ ٦، ٢١٦، ٢٢٦، ط ثانية.
(٢) السفاتج: جمع سفتجة بضم السين وفتح التاء، فارسي معرب: وهي سلف الخائف من غرر الطريق يعطى بموضع ويؤخذ حيث يكون متاع الآخر، فينتفع الدافع والقابض في ذلك (راجع القوانين الفقهية لابن جزي: ص ٢٥١، غاية المنتهى: ١٦٧/ ٢).
(٣) البدائع: ٩٥/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٦٤/ ٧، تبيين الحقائق: ٥٨/ ٥، الدر المختار بهامش رد المحتار: ٥٠٧/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>