للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالكية: القول قول المضارب بيمينه في قدر جزء الربح؛ لأنه أمين، وذلك بشرطين: أولهما ـ أن يأتي بما يشبه أحوال الناس في المضاربة. وثانيهما ـ أن يكون المال ما زال موجوداً في يد المضارب حساً أو معنى، ككونه وديعة عند شخص أجنبي (١).

وقال الشافعية: إذا اختلفا في القدر المشروط للعامل من الربح، كأن قال: شرطت النصف، فقال المالك: بل الثلث، تحالفا، كاختلاف المتبايعين في قدر الثمن، فلا ينفسخ العقد بالتحالف، بل يفسخانه أو يفسخه أحدهما أو الحاكم. ويكون للعامل حينئذ أجرة المثل لعمله، بالغة ما بلغت، لتعذر رجوع عمله إليه، فوجب له قيمته وهو الأجرة (٢). فإن اختلفا في الربح، فقال العامل: لم أربح شيئاً أو لم أربح إلا كذا، صُدِّق العامل بيمينه؛ لأن الأصل عدم الربح.

وـ وإن اختلف المتعاقدان في صفة رأس المال، فقال رب المال: دفعت إليك مضاربة أو وديعة أو بضاعة لتشتري به وتبيع (٣)، وقال العامل: بل أقرضتني المال، والربح لي، فالقول عند الحنفية والحنابلة والشافعية قول رب المال؛ لأن الشيء المدفوع ملكه، فالقول في صفة خروجه عن يده، ولأن المضارب يدعي على رب المال التمليك، وهو منكر، وذلك كالخلاف في نوع رأس المال. وقال المالكية: القول للعامل بيمينه كالاختلاف في جزء الربح، لرجحان جانب العامل بالعمل، ولأنه أمين (٤).


(١) الشرح الكبير: ٥٣٧/ ٣، بداية المجتهد: ٢٤١/ ٢.
(٢) مغني المحتاج: ٣٢٢/ ٢، المهذب: ٣٨٩/ ١.
(٣) أي أن الربح جميعه لرب المال، لأن العامل لم يطلب لعمله بدلاً، وعمله لا يتقوم إلا بالتسمية، فكان وكيلاً متبرعاً، وهذا هو معنى البضاعة.
(٤) تبيين الحقائق: ٧٥/ ٥، تكملة فتح القدير: ٨٦/ ٧، البدائع: ١١٠/ ٦، المبسوط: ٩١/ ٢٢، المغني: ٧١/ ٥، الشرح الصغير: ٧٠٧/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>