للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيجاب: إما صريح، مثل: أن يقول الواهب: وهبت هذا الشيء لك، أو ما يجري مجرى الصريح كقوله، ملكته منك، أو جعلته لك أو هو لك، أو أعطيته، أو نحلته، أو أهديته إليك، أو أطعمتك هذا الطعام، أو حملتك على هذه الدابة، ونوى به الهبة؛ لأن تمليك العين للحال أو جعلها له من غير عوض هو معنى الهبة، ولأن بقية الألفاظ تفيد التمليك في الحال في عرف الناس أو في استعمالهم.

هذا في الإيجاب المطلق، أما إذا كان مقروناً بقرينة فهي لا تخلو إما أن تكون القرينة وقتاً، أو شرطاً، أو منفعة (١).

مثال الإيجاب المقترن بقرينة الوقت (العمرى): أن يقول: (أعمرتك هذه الدار، أو جعلت هذه الدار لك عمري (٢)، أو عمرك، أو حياتك أو حياتي، فإذا مت أنا فهي رد على ورثتي) فهذا كله هبة، وهي للمعمر له في حياته، ولورثته بعد وفاته، لصحة التمليك، والتوقيت باطل، لقوله عليه الصلاة والسلام: «أمسكوا عليكم أموالكم، لا تعمروها، فإن من أعمر شيئاً، فإنه لمن أعمره» (٣) أي المعمر له أوالموهوب له؛ ولأن الهبة لا تبطل بالشرط الفاسد بخلاف عقود المعاوضات المالية، ومنها البيع فإنها أي المعاوضات تفسد بالشرط الفاسد للنهي عن بيع وشرط.


(١) راجع التفصيل في البدائع: ١١٦/ ٦ ومابعدها.
(٢) العمرى: مايجعل للإنسان طول عمره، وإذا مات ترد عليه، بأن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه أو عمري، أو مدة حياتك أو ماحييت. فالعمرى نوع من الهبة، مأخوذة من العمر، كذا كانوا يفعلونه في الجاهلية، فأبطل الشرع ذلك.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم والموطأ وأحمد وأصحاب السنن الأربعة بألفاظ مختلفة عن جابر بن عبد الله، منها: ما اتفق عليه الشيخان بلفظ: «العمرى لمن وهبت له» ومنها: مارواه مسلم وأحمد بلفظ: «أمسكوا عليكم أموالكم ولاتفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً، ولعقبه».
(راجع جامع الأصول: ١١٢/ ٩، نيل الأوطار: ١٣/ ٦، سبل السلام: ٩٣/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>