للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالكية: لايشترط القبض لصحة الهبة، ولا للزوم الهبة، وإنما هو شرط لتمامها، أي لكمال فائدتها، بمعنى أن الموهوب يملك بمجرد العقد أي القول، على المشهور عندهم. والقبض أو الحيازة لتتم الهبة، ويجبر الواهب على تمكين الموهوب له من الموهوب. ودليلهم تشبيه الهبة بالبيع وغيره من سائر التمليكات، ولقول الأصحاب: الهبة جائزة إذا كانت معلومة، قبضت أو لم تقبض (١).

والخلاصة: أن غير المالكية يرون أن الموهوب يملك بالقبض لا بالعقد (٢)، وعند المالكية: يملك بالعقد.

٨ - يشترط لصحة القبض عند جمهور العلماء: أن يكون بإذن الواهب: فلو قبض بلا إذن لم يملكه، ودخل في ضمانه؛ لأن التسليم غير مستحق على الواهب، فلا يصح التسليم إلا بإذنه، ولأن الإذن بالقبض شرط لصحة القبض في البيع، ففي الهبة من باب أولى؛ لأن القبض فيها شرط لصحتها، بعكس البيع (٣) إلا أن الحنفية قالوا: القياس أن لا يجوز قبض الهبة إلا بإذن الواهب، سواء تم القبض في مجلس العقد أم بعد الافتراق. والاستحسان أن الموهوب له إذا قبض الموهوب في مجلس العقد بغير أمر الواهب، جاز. وإن قبض بعد الافتراق عن المجلس لم يجز إلا أن يأذن له الواهب في القبض.


(١) بداية المجتهد: ٢ ص/٣٢٤، حاشية الدسوقي: ٤ ص/١٠١.
(٢) لما روى الحاكم في صحيحه أنه صلّى الله عليه وسلم «أهدى إلى النجاشي ثلاثين أوقية مسكاً، ثم قال لأم سلمة: إني لأرى النجاشي قد مات، ولا أرى الهدية التي قد أهديت له، إلا تستردّ، فإذا ردت إلي، فهي لك، فكان كذلك» ولأن الهبة عقد إرفاق وتبرع كالقرض، فلا يملك إلا بالقبض.
(٣) البدائع: ٦ ص ١٢٣، الهداية وتكملة فتح القدير: ١١٥/ ٧ ومابعدها، مغني المحتاج: ٢ص/٤٠٠، المغني: ٥ ص/٥٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>