للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه القياس: أن القبض تصرف في ملك الواهب لأن ملكه قبل القبض باق، فلا يصح بدون إذنه.

ووجه الاستحسان: أن القبض في الهبة بمنزل القبول؛ لأنه يتوقف عليه ثبوت الملك، والمقصود من الهبة إثبات الملك، فيكون الإيجاب من الواهب تسليطاً للموهوب له على القبض، فكان إذناً دلالة. وإنما قيد ذلك بالمجلس لأنه ثبت التسليط فيه، إلحاقاً له بالقبول، والقبول يتقيد بالمجلس، فكذلك ما يلحق به.

وقال المالكية: يصح القبض ولو بلا إذن من الواهب، ويجبر الواهب على تمكين الموهوب من القبض حيث طلبه؛ لأن الهبة تملك بالقول أي بالإيجاب، على المشهور عندهم (١).

ويترتب على مذهب الحنفية: أنه لو وهب إنسان ثوباً، أو عيناً من الأعيان، مفرزاً، مقسوماً، ولم يأذن له في قبضه، فقبضه الموهوب له فإن كان بحضرة الواهب: يجوز استحساناً، والقياس أن لا يجوز قبضه بعد الافتراق من المجلس، وهو قول زفر؛ لأن القبض عنده ركن بمنزلة القبول في حق إثبات الحكم، فلا يجوز القبض بعد الافتراق عن المجلس، كما لا يجوز القبول بعد الافتراق.

ووجه الاستحسان: أن الإذن بالقبض وجد من طريق الدلالة؛ لأن الإيجاب فيه دلالة الإذن بالقبض.

وأما في هبة الدين لغير من عليه الدين، فلا بد من الإذن صراحة بالقبض، ولا يكفي الإذن دلالة. وجه الفرق بين هبة العين وهبة الدين: هو أن الإيجاب في هبة العين يدل على الإذن بالقبض دلالة؛ لأن قصده تمليك ما هو ملكه للموهوب


(١) حاشية الدسوقي: ٤ ص ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>