للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابضاً ما لم يجدد القبض، وهو أن يخلي بين الموهوب له وبين الموهوب بعد العقد؛ لأن يد الوديع هي يد صورية، وهي في الحقيقة والمعنى يد المودع، فكان المال في يده فيحتاج إلى تجديد القبض.

ووجه الاستحسان: أن قبض الهبة وقبض الوديعة أو العارية متماثلان في القوة؛ لأن كل واحد منهما قبض أمانة غير مضمون، إذ الهبة عقد تبرع، وكذا الوديعة والعارية، فتماثل القبضان، فيقوم أحدهما مقام الآخر.

ب ـ وإذا كان الموهوب في يد الموهوب له مضموناً بنفسه، كالمغصوب والمقبوض على سوم الشراء (١)، والمقبوض ببيع فاسد، فوهب منه: تصح الهبة، ويبرأ عن الضمان؛ لأن قبض الضمان أقوى من قبض الأمانة، فينوب عنه، لوجود المستحق بالعقد وهو القبض، وزيادة ضمان.

ج ـ وإذا كان الموهوب في يد الموهوب له مضموناً بغيره، كالمرهون المضمون بالدين، والمبيع المضمون بالثمن، فوهبه مالكه لصاحب اليد: فإنه لا يصير قابضاً بذلك عند الكرخي ما لم يجدد القبض؛ لأن قبض الرهن أو البيع، وإن كان قبض ضمان، لكنه ضمان لا تصح البراءة منه، فلا يحتمل الإبراء بالهبة، ليصير قبض أمانة، وبالتالي يتماثل القبضان، وحينئذ على سوم الشراء؛ لأن ذلك الضمان مما تصح البراءة عنه، فيبرأ عنه بالهبة؛ ويبقى قبضاً بغير ضمان، فتماثل القبضان فيتناوبان.


(١) وهو أن يقبض الإنسان شيئاً لينظره أو ليشتريه، فإن بين البائع للمقبوض ثمناً، كان المقبوض مضموناً على القابض، بخلاف المقبوض على سوم النظر، فإنه أمانة. وعلى هذا فالمقبوض على سوم الشراء مضمون بالقيمة عند بيان الثمن، لا المقبوض على سوم النظر، فهو ليس بمضمون مطلقاً (راجع مجمع الضمانات للبغدادي: ص ٢١٣، ٢١٧، الدر المختار ورد المحتار: ٥٢/ ٤ ومابعدها، حاشية الشرقاوي على التحفة: ١٥٠/ ٢، عقد البيع للأستاذ الزرقاء: ص ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>