للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الجامع الصغير والبدائع، وهو الأرجح: يصير الموهوب له في المضمون بغيره قابضاً؛ لأن قبض الضمان أقوى من قبض الأمانة، والأقوى ينوب عن الأدنى.

[المبحث الرابع ـ حكم الهبة]

أصل حكم الهبة: هو ثبوت الملك للموهوب له في الموهوب من غير عوض.

صفة حكم الهبة: قال الحنفية: حكم الهبة ثبوت الملك للموهوب له غير لازم، فيصح الرجوع والفسخ، لقوله عليه السلام: «الواهب أحق بهبته ما لم يُثَب منها» (١) أي يعوض، فإنه عليه السلام جعل الواهب أحق بهبته ما لم يصل إليه العوض، وهذا نص في المراد، فيصح الرجوع ما لم يحصل تعويض، وإن تم القبض، وهناك موانع أخرى من الرجوع ستذكر. ولكن يكره الرجوع؛ لأنه من باب الدناءة، وللموهوب له أن يمتنع عن الرد. ولا يصح الرجوع إلا بتراض أو بقضاء القاضي؛ لأن الرجوع فسخ بعد تمام العقد، فصار كالفسخ بسبب العيب بعد القبض (٢)، فالرجوع في الهبة بالتراضي يعد من الإقالة.

وقال المالكية: يثبت الملك في الهبة بمجرد العقد ويصبح لازماً بالقبض، فلا


(١) روي من حديث أبي هريرة وابن عباس وابن عمر. فحديث أبي هريرة أخرجه ابن ماجه والدارقطني، وفيه ضعيف. وحديث ابن عباس له طريقان: أحدهما عند الطبراني في معجمه، والثاني عند الدارقطني في سننه، وحديث ابن عمر رواه الحاكم وصححه، كما صححه ابن حزم، وعن الحاكم رواه البيهقي وقال: والصحيح من هذه الرواية عن عمر من قوله (راجع نصب الراية: ١٢٥/ ٤، التلخيص الحبير: ص ٢٦٠ ومابعدها، سبل السلام: ٩٣/ ٣).
(٢) البدائع: ١٢٧/ ٦، تكملة فتح القدير: ١٢٩/ ٧، مجمع الضمانات: ص ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>