للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جماعة (وهم أحمد والثوري وطاووس وإسحاق وآخرون): تجب التسوية بين الأولاد في العطية أو الهبة، وتبطل العطية مع عدم المساواة، عملاً بظاهر الأمر في الأحاديث، الذي يقتضي الوجوب مثل قوله عليه السلام: «اتقوا الله» وقوله: «اعدلوا بين أولادكم» (١) وقوله: «فلا إذن» وقوله في حالة إعطاء بعض دون بعض: «لا أشهد على جور».

واختلف هؤلاء في كيفية التسوية، فقيل بأن تكون عطية الذكر والأنثى سواء وهو ظاهر رواية عند النسائي: «ألا سويت بينهم» وعند ابن حبان: «سووا بينهم» وحديث ابن عباس: «سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء».

وقال الحنابلة: بل التسوية أن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين على حسب التوريث.

وروي عن أحمد: أنه يجوز التفاضل إن كان له سبب، كأن يحتاج الولد لزمانته المرضية أو لعمى، أو لقضاء دينه، أو كثرة عائلته، أو للاشتغال بالعلم، أو نحو ذلك دون الباقين (٢).


(١) وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير (نيل الأوطار: ٦/ ٦).
(٢) أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر جواباً عن سؤال حول إمكان التمييز بين الورثة، وتضمنت الفتوى ما يلي:
أولاً ـ يجب على الوالدين التسوية بين الأولاد في العطية والهدايا والإنفاق، ما استطاعا إلى ذلك سبيلاً، ولا يجوز الخروج عن هذا الأصل إلا لمبرر يأتي، عملاً بالأحاديث السابقة الآمرة بالتسوية.
ثانياً ـ إذا أنفق أحد الوالدين على أحد الأولاد نفقة ذات قيمة بأن زوجه ودفع له مهر الزوجة، أو أنفق على تعليمه بما أوصله إلى وظيفة ذات غناء، أو جهز إحدى بناته، كان عليه أن يعوض سائر ولده الآخرين بمقدار ما أنفقه على ولده الأول.
ثالثاً ـ يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض لمبرر شرعي، ومن المبررات الشرعية: العاهات المانعة من التكسب كالزمانة، والعمى المانع، والشلل، وكذلك العجز عن التكسب، والاشتغال بالعلم الديني (مجلة الأزهر ـ العدد الثالث من السنة الرابعة عشرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>