للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صريحاً أو دلالة (١) مثل قول المودع لغيره: أودعتك (٢)، فيقبل الآخر ويتم الإيداع صراحة عندئذ، أو دلالة كأن يجيء رجل بثوب إلى رجل ويضعه بين يديه، ويقول: هذا وديعة عندك، ويسكت الآخر، فيصير مودعاً دلالة.

وعرفه الشافعية والمالكية بقولهم: توكيل في حفظ مملوك، أو محترم مختص، على وجه مخصوص (٣)، فيصح إيداع الخمر المحترمة (٤)، وجلد ميتة يطهر بالدباغ، وزبل وكلب معلم للصيد. أما غير المختص كالكلب الذي لا يقتنى، والثوب الذي طيرته الريح ونحوه، فهذا لا اختصاص فيه؛ لأنه مال ضائع مغاير لحكم الوديعة.

ويقال لدافع الوديعة: مودع ـ بكسر الدال ـ ولآخذها: مودع ـ بفتح الدال ـ ووديع.

والإيداع مشروع ومندوب إليه لقوله سبحانه: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء:٥٨/ ٤] وقوله تعالى: {فليؤد الذي اؤتمن أمانته} [البقرة:٢٨٣/ ٢] وقال صلّى الله عليه وسلم: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» (٥)،


(١) تكملة فتح القدير: ٨٨/ ٧، حاشية ابن عابدين: ٥١٥/ ٤، مجمع الضمانات: ص ٦٨.
(٢) أودعتك الشيء من الأضداد، تطلق على: جعلته عندك وديعة، وقبلته منك وديعة.
(٣) مغني المحتاج: ٧٩/ ٣، قليوبي وعميرة: ١٨٠/ ٣، شرح التحرير: ص ١٦٧، نهاية المحتاج: ٥ ص ٨٧، حاشية الشرقاوي: ٩٦/ ٢ ومابعدها، حاشية الدسوقي: ٤١٩/ ٣.
(٤) الخمر المحترمة: هي التي يملكها امرؤ أسلم وكانت عنده، أو ورثها منه وارثه.
(٥) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، وأخرجه أيضاً الحاكم وصححه، واستنكره أبو حاتم الرازي وأخرجه جماعة من الحفاظ، فرواه البيهقي ومالك والدارقطني، وأحمد وأبو نعيم من طرق مطعون فيها. وفي موضوعه عن أبي بن كعب عند ابن الجوزي والدارقطني، وعن أبي أمامة عند البيهقي والطبراني، وفيهما ضعيف، وعن أنس عند الدارقطني والطبراني والبيهقي، وأبي نعيم، وعن رجل من الصحابة عند أحمد وأبي داود والبيهقي وفي إسناده مجهول آخر غير الصحابي، قال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت. قال في نيل الأوطار: ولا يخفى أن وروده بهذه الطرق المعتبرة مع تصحيح إمامين من الأئمة المعتبرين لبعضهما، وتحسين إمام ثالث منهم مما يصير به الحديث منتهضاً للاحتجاج به. (راجع التلخيص الحبير: ص ٢٧٠، نيل الأوطار: ٢٩٧/ ٥، سبل السلام: ٦٨/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>