للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى غيره؛ لأن الدفع إليه في هذه الحالة تعين

طريقاً للحفظ، فكان الدفع بإذن المالك دلالة (١).

وإذا أودعها عند شخص آخر بغير عذر، فهلكت أو ضاعت وهي في يد الثاني، فالضمان على الأول، لا على المودع الثاني عند أبي حنيفة والحنابلة (٢)؛ لأن الثاني محسن إلى المالك بصيانة الوديعة عن أسباب الهلاك، والله سبحانه يقول: {ما على المحسنين من سبيل} [التوبة:٩١/ ٩] وأما المودع الأول فهو مخصوص من النص.

وقال الصاحبان: المالك بالخيار، إن شاء ضمن الأول، وإن شاء ضمن الثاني، فإن ضمن الأول، لا يرجع بالضمان على الثاني؛ لأنه ملك الوديعة بأداء الضمان، وإن ضمن الثاني يرجع به على الأول؛ لأن الأول غره بالإيداع، فيلزمه ضمان الغرور. وسبب التخيير هو أنه وجد من كل منهما سبب لوجوب الضمان فيخير المالك. أما الأول: فلأنه دفع مال الغير إلى غيره بغير إذنه، وأما الثاني: فلأنه قبض مال الغير بغير إذنه.

وأما إذا استهلك المودع الثاني الوديعة، فالمالك بالخيار: إن شاء ضمن وإن شاء ضمن الثاني بالاتفاق، غير أنه إن ضمن الأول يرجع بالضمان على الثاني، وإن ضمن الثاني لا يرجع بالضمان على الأول؛ لأن سبب وجوب الضمان وجد من الثاني حقيقة وهو الاستهلاك، ولم يوجد من الأول إلا الدفع إلى الثاني على طريق الاستحفاظ (٣).


(١) البدائع: ٢٠٨/ ٦، تكملة فتح القدير: ٩١/ ٧، المبسوط: ١٢٥/ ١١، ١٣٢، حاشية ابن عابدين: ٥١٦/ ٤.
(٢) القواعد لابن رجب: ص ٢١٧.
(٣) المراجع السابقة عند الحنفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>