للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعيب، واعترض عليه بأنه صلّى الله عليه وسلم فعلها، ولو كانت عاراً وعيباً ما فعلها (١).

وعرف السرخسي والمالكية الإعارة بأنها: تمليك المنفعة بغير عوض. سميت إعارة: لتعريها عن العوض (٢). وعرفها الشافعية والحنابلة (٣) بأنها إباحة المنفعة بلا عوض. فهي تختلف عن الهبة بأنها واردة على المنافع، أما الهبة فترد على عين المال، والفرق بين التعريفين أن الأول يفيد التمليك، فللمستعير إعارة الشيء لغيره، والثاني يفيد الإباحة، فليس له إعارة الشيء لغيره، أو إجارته.

والإعارة قربة مندوبة إليها، لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة:٢/ ٥] وفسر جمهور المفسرين قوله تعالى: {ويمنعون الماعون} [الماعون:٧/ ١٠٧] بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض، كالدلو والفأس والإبرة، ونحوها (٤). وفي الصحيحين أنه صلّى الله عليه وسلم استعار فرساً من أبي طلحة فركبه (٥). وفي رواية لأبي داود بإسناد جيد أنه صلّى الله عليه وسلم استعار درعاً من صفوان بن أمية يوم حنين، فقال: أغصباً يا محمد؟ فقال: بل عارية مضمونة (٦).


(١) مغني المحتاج: ٢٦٣/ ٢، تكملة فتح القدير: ٩٩/ ٧ ومابعدها، حاشية ابن عابدين: ٥٢٤/ ٤.
(٢) المبسوط: ١٣٣/ ١١، القوانين الفقهية: /٣٧٣.
(٣) مغني المحتاج: ٢٦٤/ ٢، كشاف القناع: ٦٧/ ٤.
(٤) مغني المحتاج، المرجع السابق، المهذب: ٣٩٢/ ١ ومابعدها، المغني: ٢٠٣/ ٥.
(٥) رواه أحمد والشيخان عن أنس بن مالك. قال: «كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلّى الله عليه وسلم فرساً من أبي طلحة يقال له: المندوب فركبه، فلما رجع قال: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحراً» أي ما وجدناه إلا بحراً أي واسع الجري (راجع نيل الأوطار: ٢٩٩/ ٥).
(٦) أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الحاكم عن صفوان بن أمية أن النبي صلّى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعاً، فقال أغصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة، قال: فضاع بعضها، فعرض عليه النبي صلّى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم في الإسلام أرغب. وله شاهد صحيح عن ابن عباس ولفظه: «بل عارية مؤداة» وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن إسحاق بن عبد الواحد وهو متروك الحديث، وأخرجه الحاكم أيضاً من حديث جابر، وذكر أنها مئة درع ومايصلحها. وفي رواية أبي داود أن الأدراع كانت مابين الثلاثين إلى الأربعين. وللحديث طريق أخرى مرسلة في السنن عند أبي داود والنسائي (راجع جامع الأصول: ١٠٩/ ٩، نصب الراية: ١١٦/ ٤، التلخيص الحبير: ص ٢٥٢، نيل الأوطار: ٢٩٩/ ٥، سبل السلام: ٦٩/ ٣) والفرق بين لفظي «مضمونة» و «مؤداة» هو أن المضمونة: هي التي تضمن إن تلفت بالقيمة، والمؤداة: هي التي تجب تأديتها مع بقاء عينها فإن تلفت لم تضمن بالقيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>