للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتاجت لدعوى أم لا؛ لأن ولي الأمر مطالب باستيفائها، فلا بد له من تنفيذها، وليس للمجني عليه فيها شأن (١).

وأما إن كان المقذوف والمسروق منه غائباً وقت الاستيفاء فاختلفت فيه مشايخ الحنفية.

فقال بعضهم: يجوز التوكيل؛ لأن عدم الجواز لاحتمال حدوث العفو والصلح، وهنا لا يتأتى ذلك الاحتمال؛ لأن الأمر وصل إلى القاضي، والحق صار لله تعالى وحده، فلو عفا عنه المسروق منه لا يلتفت إليه.

وقال بعضهم وهو الأرجح عند الحنفية: لا يجوز التوكيل بالاستيفاء؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وغيبة الموكل شبهة؛ لأنه لو كان حاضراً وقت الاستيفاء وإن لم يملك العفو والصلح إلا أنه إذا كان مقذوفاً قد يصدق القاذف فيما قذفه به، وإذا كان مسروقاً منه فقد يترك الخصومة (أي يسقط ادعاءه)، فلا يجوز استيفاء الحد مع الشبهة.

والنتيجة: أنه لا يصح وقوع الحد بدون حضور الموكل وهو المجني عليه.

وأما التعازير: فيجوز التوكيل بإثباتها واستيفائها باتفاق الحنفية وباقي المذاهب (٢)، وللوكيل أن يستوفي سواء أكان الموكل غائباً أم حاضراً؛ لأن التعزير حق الشخص، ولا يسقط بالشبهات بخلاف الحدود.

وأما التوكيل باستيفاء القصاص: فإن كان الموكل وهو ولي الدم حاضراً جاز، لأنه قد لا يقدر على الاستيفاء، فيحتاج إلى التوكيل، وإن كان غائباً لا


(١) راجع الفقه على المذاهب الأربعة: ٢٣٢/ ٣، الإفصاح لابن هبيرة: ص ٢٠٨.
(٢) البدائع، المرجع السابق، الشرح الصغير: ٥٠٣/ ٣، روضة الطالبين: ٢٩٣/ ٤، الشرح الكبير مع المغني: ٢٠٧/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>