للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز، لاحتمال صدور العفو منه عن القاتل إذا كان حاضراً، فلا يجوز استيفاء القصاص مع قيام الشبهة.

هذا هو مذهب الحنفية في الاستيفاء (١)، وخلاصته: أنه لا يجوز التوكيل باستيفاء الحدود والقصاص بدون حضور الموكل وهو المجني عليه وقت الاستيفاء؛ لأنها تدرأ بالشبهات، وشبهة العفو ثابتة حال غيبة الموكل، بخلاف حال حضرته أو وجوده لانتفاء الشبهة.

وقال المالكية: تجوز الوكالة باستيفاء العقوبات في حضرة الموكل وغيبته (٢).

وقال الحنابلة في ظاهر المذهب عندهم: تجوز الوكالة باستيفاء الحدود والقصاص في حضرة الموكل وغيبته؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «اغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها أنيس، فاعترفت، فأمر بها فرجمت» (٣) وأمر النبي صلّى الله عليه وسلم برجم ماعز، فرجموه، ووكل عثمان علياً في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة، ووكل علي الحسن في ذلك، فأبى الحسن، فوكل عبد الله بن جعفر، فأقامه وعلي يعد، ولأن الحاجة قد تدعو إلى التوكيل؛ لأن الإمام لا يمكنه تولي الحد بنفسه.

وقال بعض الحنابلة كالحنفية: لا يجوز استيفاء القصاص وحد القذف في غيبة الموكل؛ لأنه يحتمل أن يعفو الموكل في حال غيبته فيسقط العقاب، وهذا الاحتمال شبهة تمنع الاستيفاء، ولأن العفو مندوب إليه، فإذا حضر احتمل أن يرحم المقتص منه أو القاذف، فيعفو.


(١) المبسوط: ٩/ ١٩، ١٠٦، فتح القدير: ١٠٤/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٦/ ٦ ومابعدها، البدائع: ٢١/ ٦ ومابعدها، رد المحتار على الدر المختار: ٢١٨/ ٤.
(٢) بداية المجتهد: ٢٩٧/ ٢، الشرح الكبير: ٣٧٨/ ٣.
(٣) تقدم تخريجه في الحدود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني، رواه الموطأ وأحمد وأصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>