للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضور لمحافل الرجال، وعن الجواب بعد الخصومة، فيضيع حقها، وفي غير المذكور للخصم أن يمتنع من محاكمة الوكيل إذا لم يكن حاضراً مجلس القضاء؛ لأن حضوره مجلس الحكم ومخاصمته حق لخصمه عليه، فلم يكن له نقله إلى غيره بغير رضا خصمه كالدين الذي عليه (١). والخلاصة: أن أبا حنيفة لا يجيز التوكيل بغير رضا الخصم لمن لا عذر له إذا لم يكن الموكل حاضراً مجلس القضاء مع الوكيل. أما إذا كان الموكل حاضراً مجلس الحكم فتجوز الوكالة بلا خلاف بين الإمام وصاحبيه.

وقال الصاحبان وبقية الأئمة غير الحنفية: يجوز التوكيل في مطالبة الحقوق وإثباتها والمحاكمة فيها، حاضراً كان الموكل أو غائباً، صحيحاً أو مريضاً وإن لم يرض الخصم، بشرط ألا يكون الوكيل عدواً للخصم؛ لأن المذكور حق تجوز النيابة فيه، فكان لصاحبه الاستنابة بغير رضا خصمه كحال غيبته ومرضه، وكدفع المال الذي عليه، ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فإن علياً رضي الله عنه وكل عقيلاً عند أبي بكر رضي الله عنه، وقال: «إن للخصومة قُحَماً، ـ أي مهالك ـ وإن الشيطان ليحضرها، وإني لأكره أن أحضرها» ولأن الحاجة تدعو إلى التوكيل في الخصومات، فإنه قد يكون له حق أو يدعى عليه ولا يحسن الخصومة (٢)، أو لايريد أن يتولاها بنفسه (٣).


(١) المبسوط: ٧/ ١٩ ومابعدها، فتح القدير: ١٠٤/ ٦ - ١٠٥، تكملة فتح القدير: ٨/ ٦ ومابعدها، البدائع: ٢٢/ ٦، مختصر الطحاوي: /١٠٨، رد المحتار: ٤١٨/ ٤، تكملة ابن عابدين: ٢٨٠/ ٧، الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: /١٣٤، قال ابن عابدين: لاخلاف في الجواز، إنما الخلاف في اللزوم يعني هل ترتد الوكالة برد الخصم؟ عند أبي حنيفة: ترتد، وعند الصاحبين: لا ترتد ويجبر عليها.
(٢) إن أصل معنى الخصومة في اللغة: هو النزاع والجدال، ولكن هذا المعنى غير مقصود في اصطلاح الفقهاء، فيحمل مجازاً على معنى الإجابة على دعوى المدعي من قبيل ذكر المطلق وإرادة المقيد.
(٣) مختصر خليل: ص ٢١٦، الميزان: ٨٣/ ٢، المغني: ٨١/ ٥، المهذب: ٣٤٨/ ١، الشرح الكبير للدردير: ٣٧٨/ ٣، الإفصاح لابن هبيرة: ص ٢٠٧، كشاف القناع: ٤٧١/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>