للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الشافعية: فلا يجوز عندهم في الأصح التوكيل في الإقرار؛ لأنه إخبار عن حق، فلا يقبل التوكيل كالشهادة، فإنه لا يصح التوكيل بها؛ لأنها تتعلق بعين الشاهد؛ لكونها خبراً عما رآه أو سمعه، ولا يتحقق هذا المعنى في نائبه (١). ورد الجمهور على قياس الإقرار على الشهادة بأن هناك فرقاً بينهما، فإن الشهادة لا تثبت الحق، وإنما هي إخبار بثبوت الحق على غيره.

ويجوز فيما عدا ذلك التوكيل بقبض الدين؛ لأن الموكل قد لا يقدر على الاستيفاء بنفسه، فيحتاج إلى التفويض إلى غيره كالوكيل بالبيع والشراء وسائر التصرفات، إلا أن التوكيل بقبض رأس مال السلم وبدل الصرف: إنما يجوز في مجلس العقد، لا خارج المجلس؛ لأن الموكل نفسه يملك القبض فيه لا في غيره، وبالقبض يبرأ المدين (٢).

وتجوز الوكالة بقضاء الدين، لأن الموكل يملك القضاء بنفسه، وقد لايتهيأ له القضاء بنفسه، فيحتاج إلى التفويض إلى غيره.

وتجوز الوكالة بالإبراء من الدين؛ لأنه إذا جاز التوكيل في إثباتها واستيفائها، جاز التوكيل في الإبراء عنها.

وتجوز الوكالة بطلب الشفعة وبالرد بالعيب وبالقسمة؛ لأن هذه حقوق يتولاها المرء بنفسه، فيملك توليتها غيره.

ويجوز التوكيل بالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد والصلح عن إنكار؛ لأنه يملك هذه التصرفات بنفسه، فيملك تفويضها إلى غيره.


(١) مغني المحتاج: ٢٢١/ ٢، المهذب: ٣٤٩/ ١.
(٢) البدائع، المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>