للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستثنى المالكية حالة كون الوكيل عاماً وجعل له الموكل الإقرار في عقد الوكالة، وحالة اشتراط خصم الموكل أن يجعل الإقرار لوكيله، بأن يقول له: لاأتعاطى المخاصمة مع وكيلك حتى تجعل له الإقرار.

ومنشأ الخلاف في الحقيقة هو في قاعدة «هل الأمر المطلق الكلي يقتضي الأمر بشيء من جزئياته أو لا يقتضي؟» قال الحنفية: يقتضي ما ذكر، لاشتمال الكلي على الجزئي ضرورة، فيصح إقرار الوكيل بالخصومة.

وقال غير الحنفية: لا يقتضي ما ذكر، إذ لا اختصاص للجنس بنوع من أنواعه ولا فرد من أفراده، فلم يصح إقرار الوكيل بالخصومة؛ لأن اللفظ من حيث إطلاقه لا يتناوله، والقرينة العرفية إن لم تنفه فلا تقتضيه.

وبناء عليه قال الجمهور غير الحنفية:

ليس للوكيل المطلق ببيع شيء كأن يقول الموكل للوكيل: بع هذه العين، أن يبيعه بالغبن الفاحش ولا بثمن المثل ولا بدون ثمن المثل، ولا بالنقد ولا بالنسيئة، إذ لا اختصاص للجنس بنوع من أنواعه ولا فرد من أفراده، وإنما ملك البيع بثمن المثل، لقيام القرينة الدالة على الرضا بسبب العرف (١).

ثم إن الحنفية القائلين بجواز إقرار الوكيل اختلفوا في مكان صحته:

فقال أبو حنيفة ومحمد: يصح إقرار الوكيل في مجلس القاضي لا في غيره، فيما عدا الحدود والقصاص؛ لأن الموكل فوض الأمر إليه، لكن في مجلس القضاء؛ لأن التوكيل هو بالخصومة أو بجواب الخصومة، وكل ذلك يختص بمجلس القاضي، بدليل أن الجواب لا يلزم في غير مجلس القاضي.


(١) تخريج الفروع على الأصول: ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>