للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنعاً من الاختلاف: لا بد للموكل الذي يوكل غيره بشراء شيء من تسمية جنسه وصفته، أو جنسه ومقدار ثمنه، إلا أن يوكله وكالة عامة، فيقول: اشتر لي ما رأيت؛ لأنه فوض الأمر إلى رأيه، فأي شيء يشتريه يكون ممتثلاً في رأي أبي حنيفة خلافاً للصاحبين إذ يتقيد بالعرف والعادة (١).

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: إذا كانت الوكالة بالشراء مطلقة، فيلزم المشتري أن يشتري بثمن المثل، ولا يشتري بأكثر من ثمن المثل بما لا يتغابن الناس به من غير إذن الموكل؛ لأن الوكيل منهي عن الإضرار بالموكل، مأمور بالنصح له، وفي الزيادة على ثمن المثل في الشراء إضرار وترك للنصح (٢). ولا يشتري شيئاً معيباً مع العلم بالعيب؛ لأن الموكل لم يأذن له بشراء المعيب، وقد لا يتمكن الموكل من رد المبيع لهرب البائع، فيتضرر بذلك.

وإذا وُكل رجل بشراء شيء بعينه لا يملك أن يشتريه لنفسه، وإذا اشترى يقع الشراء للموكل؛ لأن شراءه لنفسه عزل لنفسه عن الوكالة، وهو لا يملك العزل إلا بمحضر من الموكل.

أما إذا وكل بشراء شيء بغير عينه، فيكون الشراء لنفسه، إلا أن ينويه للموكل. والوكيل بالشراء لا يملك الشراء من نفسه، كما لا يملكه الوكيل بالبيع، وهذا باتفاق الحنفية والشافعية والحنابلة وكذا المالكية؛ لأن حقوق العقد كما عرفنا ترجع عند الحنفية والشافعية إلى الوكيل، ولا يمكن أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد مسلِّماً ومتسلماً، مطالِباً ومطالباً، ولأنه متهم في الشراء من نفسه. وروي عن الإمام مالك: أنه يجوز للوكيل أن يشتري من نفسه بثمن المثل فأكثر (٣).


(١) الكتاب مع اللباب: ١٤٢/ ٣، ١٤٧.
(٢) بداية المجتهد: ٢٩٨/ ٢، الشرح الكبير: ٣٨٢/ ٣، المهذب: ٣٥٤/ ١، المغني: ١٢٤/ ٥.
(٣) بداية المجتهد، المرجع السابق، المغني: ١٠٧/ ٥ ومابعدها، الميزان للشعراني: ٨٥/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>