للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصحيح الحنفية للتعريف الذي اختاروه مقبولاً من هذه الزاوية فقط وهي كونه أعم وأشمل لأنواع الكفالة الثلاث.

أما من ناحية الواقع بالنسبة لأحكام الكفالة فقد استظهر ابن عابدين أن الفقهاء متفقون على ثبوت الدين في ذمة الكفيل مع بقائه في ذمة الأصيل، بدليل الاتفاق على صحة هبة الدين والشراء به كما عرفنا، ولأن اعتبار الدين في ذمتين ممكن كما تقدم، ولو كانت الكفالة ضَمّاً في المطالبة فقط بدون دين لزم ألا يؤخذ المال من تركة الكفيل؛ لأن المطالبة تسقط عنه بموته كالكفيل بالنفس، مع أن المنصوص عليه حتى عند الحنفية هو أن المال يحل بموت الكفيل، ويؤخذ من تركته. وبدليل أنه يجوز أن يكفل الكفيل كفيل آخر بالمال المكفول به.

وتظهر ثمرة الخلاف بين التعريفين فيما إذا حلف الكفيل ألا دين عليه، فإنه يحنث إذا قلنا بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في الدين، ولا يحنث إذا قلنا بأنها ضم في المطالبة (١).

ركن الكفالة: ركن الكفالة عند أبي حنيفة ومحمد: هو الإيجاب والقبول أي الإيجاب من الكفيل، والقبول من الدائن (٢).

وقال أبو يوسف وجمهور الفقهاء: ركن الكفالة هو الإيجاب وحده. وأما القبول فليس بركن.

وعلى هذا تتم الكفالة بالكفيل وحده في الكفالة بالمال والنفس، ولا يشترط عند جمهور الفقهاء قبول المكفول له وهو الدائن، ولا رضاه لعدم التعرض للقبول في حديث أبي قتادة السابق ذكره، فإنه صحت الكفالة بمجرد أن قال أبو قتادة: هما


(١) راجع رد المحتار على الدر المختار: ٢٦١/ ٤.
(٢) فتح القدير: ٣٩٠/ ٥،البدائع: ٢/ ٦، الدر المختار، المرجع السابق، مجمع الضمانات: ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>