للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب ـ وإن كانت الكفالة مقيدة: فإما أن تقيد بوصف التأجيل أو بوصف الحلول. فإن كانت مؤجلة إلى أجل معلوم كشهر أو سنة، جازت. ويجوز أن يكون أجل الكفالة مماثلاً لأجل الدين أو أزيد منه أو أنقص؛ لأن المطالبة بالدين حق الدائن المكفول له، فله أن يتفق مع الكفيل والمدين على ما يشاء.

وإن كان الدين حالاً، جاز التأجيل في الكفالة، ويستفيد المدين نفسه من الأجل أيضاً في ظاهر الرواية؛ لأن التأجيل إذا كان في نفس العقد، يجعل الأجل صفة للدين، والدين واحد. أما إذا كان التأجيل بعد تمام العقد، فيختص به الكفيل فقط. وإذا كان التأجيل عن الأصيل، فيستفيد الكفيل من الأجل، أما إذا أجل الكفيل، فلم يستفد الأصيل من الأجل؛ لأن المقصود تأخير المطالبة، لا إسقاط الحق.

وإذا كانت الكفالة مؤجلة إلى سنة مثلاً، فمات الأصيل قبل تمام السنة، يحل الدين في ماله، ويبقى الأجل للكفيل، وكذا يحل الدين في مال الكفيل إذا مات، ويبقى الأصيل على أجله.

هذا هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية (١)؛ لأن الموت عند الحنفية يعصف بذمة الإنسان ويبطل الأهلية إلا بمقدار ما تقتضيه ضرورة تسوية الحقوق وثبوت الأحكام التي لها سبب في حال الحياة.

وعند الحنابلة روايتان، رجح ابن قدامة أن الدين لا يحل بالموت؛ لأن الدين مؤجل، فلا تجوز المطالبة به قبل الأجل، كما لو لم يمت (٢).


(١) البدائع، المرجع السابق، المبسوط: ٢٨/ ٢٠، مختصر الطحاوي: ص ١٠٥، الشرح الكبير: ٣٣٧/ ٣، مغني المحتاج: ٢٠٨/ ٢.
(٢) المغني: ٥٤٥/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>