للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان التأجيل إلى وقت مجهول، فتجوز الكفالة عند الحنفية والحنابلة والمالكية إذا كان الأجل متعارفاً بين الناس كالحصاد والدياس والنيروز ونحوه؛ لأن هذه الجهالة ليست فاحشة فتتحملها الكفالة. وقال الشافعي: لا يجوز التأجيل إلى هذه الأوقات، لأنه أجل مجهول (١).

وإن لم يكن الأجل متعارفاً بين الناس كالتأجيل إلى مجيء المطر أو هبوب الريح، فالأجل باطل، والكفالة صحيحة؛ لأن هذه جهالة فاحشة، فلا تتحملها الكفالة، فلا يصح التأجيل، فبطل. هذا إذا كانت الكفالة مؤجلة.

فإن كانت الكفالة حالَّة، فيجوز للدائن أن يشرط الحلول على الكفيل، سواء أكان الدين حالاً أم مؤجلاً. ولو كفل الكفيل حالاً يصح للدائن أن يؤجله بعدئذ، ويكون التأجيل خاصاً به.

وفي الجملة: يجوز في المذاهب الأربعة ضمان الدين الحال مؤجلاً، وضمان المؤجل حالاًّ؛ لأن الضمان تبرع، والحاجة تدعو إليه، فيصح على حسب ما التزم به الضامن (٢)، وقد روى ابن ماجه في سننه عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلم ضمن مديناً لوفاء دينه لمدة شهر.

وفي الكفالة بالنفس: لو تكفل شخص برجل إلى شهر أو ثلاثة أيام ونحوها: جاز، ولكن الكفيل إنما يطالب بتسليم المكفول بنفسه بعد مضي تلك المدة المتفق عليها ولا يطالب به في الحال في ظاهر الرواية.


(١) المغني، المرجع السابق: ص ٥٦٠، مغني المحتاج: ٣٠٧/ ٢، المبسوط: ١٧٢/ ١٩، مجمع الضمانات: ص ٢٧٣، الفرائد البهية في القواعد الفقهية: ص ١٤٢.
(٢) البدائع، المرجع السابق: الشرح الكبير: ٣٣١/ ٣، نهاية المحتاج للرملي: ٤١٦/ ٣، مغني المحتاج: ٢٠٧/ ٢، المغني: ٥٤٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>