للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن الشافعية قالوا: المذهب صحة الكفالة بالنفس أو البدن لمن عليه مال أو لمن عليه عقوبة لآدمي كقصاص وحد قذف، والمذهب منعها في حدود الله تعالى كحد الخمر والزنا والسرقة؛ لأنه يسعى في دفعها ما أمكن.

وقال الحنابلة والمالكية: لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد، سواء أكان حقاً لله تعالى، كحد الزنا والسرقة، أم لآدمي كحد القذف والقصاص.

ومن أحكام الكفالة بالنفس: أنه إذا شرط الأصيل في الكفالة تسليم المكفول به في وقت بعينه، لزم الكفيل إحضار المكفول به إذا طالبه به في الوقت، وفاء بما التزمه كالدين المؤجل إذا حل، فإن أحضره، فبها، وإن لم يحضره، حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء حق مستحق عليه. وإن أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له على محاكمته كالمصر، برئ من الكفالة، لأنه أتى بما التزمه. وإذا تكفل به على أن يسلمه في مجلس القاضي، فسلمه في السوق برئ أيضاً؛ لأن المقصود هو إمكان الخصومة وإثبات الحق، وهذا حاصل متى سلمه في السوق لتعاون الناس معه على إحضاره إلى القاضي.

ويلاحظ أن المالكية يمنعون الزوجة من كفالة النفس مالم يأذن زوجها؛ لأنها قد تحبس أو تخرج لخصومة أو لطلب المضمون، وفي ذلك معرة، وأجازوا ما سموه بضمان الطلب وهو في الحقيقة نوع من كفالة النفس أو الوجه، ولكن بشرط عدم غرم المال إلا إذا فرط في الطلب، فهو التزام طلب المكفول والبحث عنه إن تغيب، وإرشاد صاحب الحق عليه، كأن يقول: أنا كفيل أو حميل بطلبه أو علي طلبه بشرط عدم غرم المال إن لم أجده (١).


(١) الشرح الصغير: ٤٣٠/ ٣، ٤٣٣، ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>